للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)}:

قوله عز وجل: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} العامل في {يَوْمَئِذٍ}: {لَا تَنْفَعُ}. وفي محل {مَنْ} وجهان:

أحدهما: الرفع على البدل من الشفاعة على تقدير حذف المضاف، أي: لا تنفع الشفاعة أحدًا إلا شفاعة مَنْ أذن له الرحمن، أي لا تنفع الشفاعة مشفوعًا له إلا شفاعة من أذن الرحمن لي في الشفاعة، أي: شفاعة شافع مأذون له في الشفاعة مَرْضِي قوله، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (١). ولك أن تقدر أن المضاف كأنه في اللفظ موجود لم يحذف، فيكون في موضع جر، تعضده قراءة من قرأ: (واللَّهُ يريدُ الآخرةِ) (٢) بجر (الآخرةِ) على أن العوض كأنه موجود في اللفظ، وهو ابن جماز (٣).

والثاني: النصب على الاستثناء المنقطع، أو على أنه مفعول به مفعول {تَنْفَعُ}. و {مَنْ} على الوجهين الأولين هو الشافع، والمشفوع له محذوف، وعلى الوجه الأخير هو المشفوع له، والمعنى: لا تنفع الشفاعة مشفوعًا له إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة له، والأول أمتن، وهو أن يكون المراد بـ {مَنْ} الشافع، يعضده قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (٤).

وقوله: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} الضمير في {بِهِ} لـ {مَا} في قوله:


(١) سورة يوسف، الآية: ٨٢.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ٦٧.
(٣) تقدم تخريج قراءته هناك عند إعراب الآية المذكورة. وابن جماز هو سليمان بن سالم أبو الربيع الزهري مولاهم المدني، مقرئ ضابط جليل، عرض على أبي جعفر، وشيبة، ونافع. مات بعد السبعين ومائة. (غاية النهاية).
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>