للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ما التلقف؟ قلت: قيل: أَخْذُ الشيء بالتلقي له، وكذلك اللقف.

وقوله: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ} الجمهور على رفع قوله: {كَيْدُ} على أنَّ (ما) موصولة، أي: الذي صنعوه كيد ساحر، أو مصدرية. وقرئ: (كَيْدَ) بالنصب (١)، وما كافة لإنَّ عن العمل ليس إلا. وقرئ: (كيدُ ساحر) بالألف (٢) وهو الوجه، لأن الكيد في الحقيقة للعين لا للمعنى، وقرئ: (كيدُ سحر) بغير الألف (٣)، إما على حذف المضاف، أي: [ذي] سحر، أو ذوي سحر، أو هم لتوغلهم في سحرهم كأنهم السحر بعينه وبذاته، كقولك: رجل زور وصوم على المعنيين، أو بَيَّنَ الكيد، لأنه يكون سحرًا وغيرَ سحر، كما تُبيَّنُ الأعداد بالدرهم والدينار ونحوهما، والأثواب والجباب بالخز والصوف وشبههما.

وقوله: {حَيْثُ أَتَى} من صلة {يُفْلِحُ}. فإن قلت: {حَيْثُ} هنا مكاني أو زماني؟ قلت: يجوز أن يكون مكانيًا بمعنى: لا يفلح في أي مكان كان، وأن يكون زمانيًا بمعنى: أي وقت كان، كقولهم: حيث سَيَّرُوا، وَأَيَّةَ سلكوا، وأينما كانوا (٤).

{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (٧٠) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ


(١) ذكرها النحاس، والزمخشري، وابن عطية دون نسبة. ونسبها ابن الجوزي في زاد المسير ٥/ ٣٠٦ إلى ابن مسعود - رضي الله عنه -، وأبي عمران الجوني. وقال أبو حيان ٦/ ٢٦٠ وتبعه السمين ٨/ ٧٥: إنها قراءة مجاهد، وحميد، وزيد بن علي.
(٢) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٣) قرأها حمزة، والكسائي، وخلف. والباقون على الأولى. انظر السبعة/ ٤٢١/. والحجة ٥/ ٢٣٧. والمبسوط / ٢٩٦/.
(٤) انظر الكشاف ٢/ ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>