للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موضع الصفة لآية، فيكون متعلقًا بمحذوف.

قيل: وإنما قالوا ذلك مع تكاثر ما أُنزل من الآيات عليه عليه الصلاة والسلام، لتركهم الاعتداد بما أُنزل عليه، كأنه لم ينزل عليه شيء (١).

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)}:

قوله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ} (مِن) مزيدة لاستغراق الجنس، ولذلك قيل: {إِلَّا أُمَمٌ} مع إفراد الدابة والطير حملًا على المعنى، إذ المراد بهما الجنس.

وقوله: {فِي الْأَرْضِ} في موضع الصفة للدابة، إمّا على اللفظ، وإمّا على المحل، كقوله: {مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (٢)، و (غَيْرِهِ) (٣).

{وَلَا طَائِرٍ}: عطف على {دَابَّةٍ} على اللفظ، وقرئ: (ولا طائرٌ) بالرفع (٤) على المحل، كأنه قيل: وما دابةٌ ولا طائرٌ، والجر أجود وعليه الجمهور، إذ التقدير: وما من دابة ولا من طائر، و (من) تدل على معنى الاستغراق، وتغني عن أن يقال: وما من دواب ولا طير، وحذفها لا يدل على ذلك، فاعرف الفرقان، ومسلك الجمهور، ودقة نظرهم.

و{بِجَنَاحَيْهِ}: متعلق بيطير؛ وإنما قيل: {بِجَنَاحَيْهِ} على جهة التوكيد (٥)، كقولهم: نعجة أنثى، وأمسِ الدابرُ، وقوله تعالى: {نَفْخَةٌ


(١) قاله الزمخشري ٢/ ١٢.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٥٩. وهذه قراءة الجمهور.
(٣) قرأ بها الكسائي وأبو جعفر كما سيأتي في موضعها.
(٤) شذوذًا، ونسبت إلى الحسن، وعبد الله بن أبي إسحاق. انظر إعراب النحاس ١/ ٥٤٦، ونسبها الزمخشري ٢/ ١٣، وابن عطية ٦/ ٤٧ إلى ابن أبي عبلة.
(٥) يعني أن كلمة (يطير) تغني عن ذكر الجناحين، لأنه لا يكون طيران إلا بجناحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>