للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورد في التفسير أن المشركين قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ائتنا بمن يشهد لك بأنك رسول الله، فنزلت (١).

فإن قلت: فكان القياس على هذا أن يقول: قل أيُّ شهيد أكبر شهادة؟ قلت: أجل، الأمر كما زعمتَ، إلَّا أن الشيء لما كان أعمَّ العام لوقوعه على كل ما يصح أن يُعلم ويُخبر عنه وضع موضع شهيد ليبالغ بالتعميم.

فإن قلت: أي فرق بين النصب والجر في {شَهَادَةً} وشبهها مما يأتي بعد أفعل الذي للتفضيل؟ قلت: الفرق بينهما أن أفعل إذا أضيف إلى شيء فهو بعضه، كقولك: وجهُكَ أحسنُ وجه، وإذا نصسب فليس المنصوب بعضًا له، كقولك: فلان أنظف ثوبًا، وكذلك الجر في الشهادة يوجب أن يكون المضاف {شَهَادَةً}، وليس كذلك النصب، فاعرف الفرق، فإنه أصل يعتمد عليه.

وقوله: {قُلِ اللَّهُ} الجلالة رفع بالابتداء، وفي خبره وجهان:

أحدهما: محذوف تقديره: الله أكبر شهادة، وقد تم جواب {أَيُّ}، ثم ابتدئ: {شَهِيدٌ} على: هو شهيد.

والثاني: {شَهِيدٌ} على أن يكون {اللَّهُ شَهِيدٌ} هو الجواب لدلالته على أن الله عز وجل إذا كان هو الشهيد بينه وبينهم، فأكبر شيءٍ شهادةً شهيدٌ له (٢).

وقوله: {بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} أعيد (بينكم) للتأكيد، كما تقول: هو بيني وبينك، والأصل بيننا. وبين هنا يحتمل أن يكون ظرفًا للشهيد، وأن يكون نعتًا له.


(١) النكت والعيون ٢/ ١٠٠، وأسباب النزول للواحدي ٢١٦ - ٢١٧، ومعالم التنزيل ٢/ ٨٩، وزاد المسير ٣/ ١٣، ومفاتيح الغيب ١٢/ ١٤٥.
(٢) من كلام الزمخشري ٢/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>