حَميدٌ وسَعيدٌ، وكيفَمَا تَوَجّهَ رشيدٌ وسديدٌ، وإلَّا فهو شَقيٌّ وطريدٌ، وعن كُلِّ خَيْر قصيٌّ وبعيدٌ، وإن كان مُكِبًّا على العِلْمِ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهَارِ معتنيًا بتحصيله غاية الاعتناء في السِّرِّ والجهار، إذ اشتغالُهُ به الأَوقاتِ ما أفادَهُ إلَّا مزيدَ غَضَبِ رَبِّ الأَرْضِ والسَّمَواتِ.
وحيثُ عَلِمتَ هذا فاعلم أنَّ مِنَ الفَرَائِضِ المُحَتِّمَةِ والواجبات المؤكَّدَةِ صَوْنَ اللِّسانِ عن الكَذِبِ والزُّورِ والفحشاءِ والغِيبَةِ والنَمِيمَةِ والباطِلِ، ومن المحرمات دماءُ المسلمين وأموالُهُم وأعراضُهُم إلَّا بحقِّهَا، فلا يَحِلُّ دَمُ المُسْلِمِ إلَّا أن يكفرَ بعد إيمانِهِ، أو يَزْنيَ بعد إحصانِهِ، أو يقتُلَ نَفْسًا بغير نَفْسٍ، وفرضٌ على كُلِّ أَحدٍ كَفُّ يَدِهِ عمَّا لا يَحِلُّ من مالٍ أو جَسَدٍ أو دمٍ.
ويحرُمُ على كُلِّ أَحَدٍ أن يسعى بقدمِهِ إلى ما لا يَحِلُّ له، وأن يُباشِرَ بِجَسَدِهِ أو فَرْجِهِ ما لا يَحِلُّ له، وأن يَسْمَعَ ما لا يَحِلُّ له سماعُهُ من غيبَةٍ ونميمَةٍ وكَذِبَةٍ وغير ذلك، وأن يُبْصِرَ بعينِهِ ما لا يَحِلُّ له كالنَّظَرَ إلى الأَمردِ بِشَهْوَةٍ عند الأَكثر ومطلقًا عند كثيرين أو إِلى الأَجنَبية مُطْلقًا؛ لأَن الله تعالى حَرَّمَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ.
وَفَرْضٌ على كُلِّ أَحَدٍ أن يَكُفّ جميعَ شَرِّهِ عن جميع خَلْقِ الله، فلا يُؤْذِيَ أَحَدًا بيدٍ، ولا رِجْلٍ، ولا لِسَانٍ، ولا عَيْنٍ، ولا سَمْعِ، ولا اعتِقادٍ، ولا في مالٍ وإن قَلَّ كَخَرْدَلَةٍ، ولا عِرْضٍ وإن سَهُلَ، ولا في شيءٍ من الأَشياءِ مطلقًا.