للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتجه في مثل: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (١) أن يقال العامل في "إذا" جوابها! بل هذا وأمثاله يصلح اعتراضًا على الجمهور القائلين بهذه المقالة (٢).

الوجه الثاني: في قوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (٣)، فإنه يُوجب أن الأمر للفور؛ لأنه أَمَرَ بالمسارعة وهي التعجيل (بالمأمور به، والأمر للوجوب، والمسارعة واجبة، ولا معنى) (٤) لأن الامر يقتضي الفور إلا ذلك (٥). وحَمْل المغفرة على حقيقتها في الآية ممتنع؛ لأن المغفرة مِنْ فِعْل الله تعالى، والعبد لا يسارع إلى فعله (٦)، فَحُمِل على المجاز وهو المأمور به. وفي معنى هذه الآية قوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (٧) (٨).


(١) سورة الحجر: الآية ٢٩. سورة ص: الآية ٧٢.
(٢) هذا الاعتراض غير وجيه؛ لأن ما بعد الفاء لا يمتنع عملُه فيما قبلها، لوجود أدلة على ذلك منها: قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} فاليتيم، والسائل كلاهما معمولان لما بعد الفاء. ومنه: قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} فإنَّ ما بعد الفاء عَمِل فيما قبلها. وإن قلنا بقول المبرد فالظروف والمجرورات لا يدخلان فيما ذكره؛ لأنهما يتعلقان بكل ما فيه رائحة الفعل؛ ولأنه يُتوسع فيهما ما لا يُتوسع في غيرهما.
(٣) سورة آل عمران: الآية ١٣٣.
(٤) سقطت من (ت).
(٥) أي: إلا المسارعة والتعجيل.
(٦) أي: فعل الله تعالى.
(٧) سورة البقرة: الآية ١٤٨.
(٨) انظر: نهاية الوصول ٣/ ٩٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>