وأخذ بالقاهرة الطريقة القادرية عن الشيخ علي البيومي القاهري وألبسه الخرقة وأجازه، ثم دخل حلب مسقط رأسه ودرّس بجامعها والمدرسة العلمية، ثم ذهب لدار السلطنة العلية قسطنطينية المحمية وتردد إليها مرارًا، وولي القضاء مرارًا في بلاد عدة من بلاد الروم، وحمدت سيرته ولازم من محمد حياتي زاده مفتي التخت العثماني، ثم صار له اعتبار الخارج من فيض الله أفندي بن أحمد الشهير بدامات زادة مفتي التخت المزبور، ولم يزل يتنقل بالاعتبارات إلى أن وصل إلي اعتبار إبتداء الألتمشلي، وكان لطيف الذات حلو المحاورة ظريف المطارحة والمذاكرة منور الوجه مضيء الشيبة.
وله شعر قليل أنشدني من لفظه لنفسه قوله مضمنًا:
رسول الله ضاق بي الفضاء … وجلّ الخطب وانقطع الإخاء
وجاهُكَ يا رسولَ اللهِ جاه … رفيعٌ ما لرفعتهِ إنتهاء
وبي وجل شديدٌ من ذنوبي … وما أدري أعفوٌ أم جزاءُ؟
وما كانت ذنوبي عن عنادٍ … ولكن بالقضا غلبَ الشقاء
رسولَ اللهِ حقق فيكَ ظنّي … فجودكَ ليس لي عنه غناءُ
سمعنا فيك مدحًا فابتهجنا … فسرّ قلوبَنَا هذا الثناءُ
وأحسن منك لم تر قطّ عينٌ … وأجمل منك لم تلد النساءُ
خلقت مبَّرًا عن كل عيبٍ … كأنك قد خلقت كما تشاء
وقدم المترجم لدمشق آخرًا في سنة أربع ومائتين وألف، ونزل بدار المرحوم السيد محمد خليل أفندي [المرادي] مفتي دمشق، فأكرمه وأحسن نزله واجتمعت به إذ ذاك، وأخذت عنه وأجازني بعد إسماع الحديث المسلسل بالأولية، وسمعت فوائده ولطائفه، ثم لما ذهب المولى محمد خليل أفندي المزبور