للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهاهنا بحث وهو أنه إذا جعل الجميع بمنزلة غير المرتابين كان الشرط قطعى اللاوقوع فلا يصح استعمال إن فيه، كما إذا كان قطعى الوقوع لأنها إنما تستعمل فى المعانى المحتملة المشكوكة ...

===

لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٢) الثانى على ما قيل إن المخاطب بكسر الطاء بهذا الكلام هو الله تعالى: ولا معنى لكون غير المرتاب هو المشكوك فى ريبه بالنسبة إليه تعالى لاستحالة الشك عليه تعالى

(قوله: وهاهنا بحث) أى وارد على الاحتمال الثانى

(قوله: كان الشرط قطعى اللاوقوع) أى: لأن المغلبين لم يحصل منهم ريب أصلا، فإذا غلبوا على المرتابين صار الجميع لا ارتياب عندهم، وحينئذ فيكون الشرط مقطوعا بانتفائه فلا يصلح لاستعمال إن فيه ولا إذا، والحاصل أن حقيقة التغليب أن يوجد ما للكلمة وما ليس لها ويغلب ما لها على ما ليس لها وهنا ليس كذلك، إذ البعض مرتاب قطعا والبعض غير مرتاب قطعا، فإذا غلب غير المرتاب على المرتاب صار الجميع لا ارتياب عندهم فلم يوجد ما يليق بإن، وحينئذ فلا يتم ما ذكره المصنف من احتمال كون إن فى الآية مستعملة فى الأمر المجزوم به للتغليب، لأن التغليب يؤدى لعدم صحة التعبير بها، وأشار الشارح لجواب ذلك البحث بقوله الآتى: بل لا بد إلخ، وحاصله أنه بعد التغليب وتصيير الجمع غير مرتابين وتصيير الريب منفى الوقوع فرض ذلك الريب كما يفرض المحال لتبكيت الخصم وإلزامه، وذلك بأن نزل ذلك الريب المقطوع بعدمه منزلة المشكوك فيه فصح استعمال إن فيه، لأنها صارت مستعملة فى موضعها الأصلى وهو المشكوك فيه ففيه تصرفان كما فى قوله تعالى: أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ فى قراءة الكسر على ما مر، فإن قلت حيث كانت إن هنا مستعملة فى موضعها وهو ما يشك فيه، فلم تكن الآية مما نحن بصدده وهو استعمال إن فى الجزم بالشرط على خلاف الأصل- قلت: تقدم جوابه، وحاصله أن صيرورة جميع المخاطبين لا ارتياب عندهم بالتغليب أمر تقديرى فلا ينافى أن بعضهم فى نفس الأمر مرتاب قطعا، فالإتيان بإن بالنظر لذلك البعض على خلاف الأصل.


(٢) البقرة: ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>