وإلا فلا امتناع فى أن يقال فى نحو: زيد قام: أنه كان فى الأصل: قام زيد فقدم زيد، وجعل مبتدأ، كما يقال فى جرد قطيفة: إن جردا كان فى الأصل صفة فقدم وجعل مضافا. وامتناع تقديم التابع حال كونه تابعا مما أجمع عليه النحاة ...
===
وقوله: دون الفاعل أى: عن الفاعلية، وهذا رد لما يقال جوابا عن السكاكى، وحاصله:
أنه إنما جاز تقديم الفاعل المعنوى؛ لأن المعنوى لو أخر كان تابعا بدلا أو تأكيدا والتابع يجوز فسخه عن التبعية، فلذا قدم كما فى: جرد قطيفة، وأخلاق ثياب، والمؤمن العائذات الطير، فإن الأصل: قطيفة جرداء أى: مجرودة بمعنى بالية أو سلخاء لا وبر فيها؛ وثياب أخلاق، والمؤمن الطير العائذات، فقدمت الصفة على موصوفها، وأضيفت إليه بخلاف الفاعل اللفظى فإنه لا يجوز فسخه عن الفاعلية، فلم يقدم، وحاصل الرد أن تجويز الفسخ فى التابع دون الفاعل اللفظى تحكم، بل كل منهما يجوز فيه الفسخ والتقديم؛ لأن الفاعلية غير لازمة لذات الفاعل كالتبعية
(قوله: وإلا فلا امتناع) أى:
وإلا نقل أن امتناع تقديم الفاعل إنما هو عند كونه فاعلا، بل قلنا بالمنع مطلقا فلا يصح؛ لأنه لا امتناع فى أن يقال إلخ
(قوله: وجعل مبتدأ) أى: وجعل ضميره فاعلا بدله، وهذا مثال لتقديم الفاعل بعد انسلاخه عن الفاعلية، (وقوله كما يقال إلخ) مثال لما إذا قدم التابع بعد انسلاخه عن التبعية
(قوله: وامتناع تقديم إلخ) هذا رد لما يقال جوابا عن السكاكى، وحاصل ذلك الجواب قولكم: إن تجويز التقديم فى المعنوى دون الفاعل اللفظى تحكم ممنوع؛ لأن التابع يجوز تقديمه باقيا على تبعيته بل هو واقع كما فى قوله (١):
ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السّلام
فإن قوله (ورحمة الله): عطف على السّلام فقد قدم التابع على المتبوع باقيا على تبعيته فى العطف، فيقاس عليه التوكيد والبدل، إذ لا فرق، بخلاف الفاعل اللفظى، فلا يجوز تقديمه على أنه فاعل فالقول بالتحكم مردود، وحاصل ما أشار له الشارح من رد هذا الجواب: أن النحاة أجمعوا على امتناع تقديم التابع ما دام تابعا فى الاختيار، وما
(١) البيت للأحوص- وهو فى شرح شواهد المغنى (٢/ ٧٧٧) ولسان العرب (٤/ ٢٣٧٨) مادة شيع