كقولك: رجل جاءنى على ما مر) أن معناه: رجل جاءنى لا امرأة، أو لا رجلان (دون قولهم شرّ أهر ذا ناب)(١) فإن فيه مانعا من التخصيص (أما على التقدير الأول) يعنى: تخصيص الجنس (فلامتناع أن يراد: المهرّ شر لا خير) لأن المهر لا يكون إلا شرا (وأما على) التقدير (الثانى) يعنى: تخصيص الواحد (فلنبوه عن مظان استعماله) أى: لنبو تخصيص الواحد عن مواضع استعمال هذا الكلام؛ ...
===
(قوله: كقولك رجل جاءنى) أى: فإنه ليس فيه مانع من التخصيص فهو مثال للنفى
(قوله: شر أهر ذا ناب) الهرير صوت الكلب عند عجزه عن دفع ما يؤذيه أى:
شر جعل الكلب ذا الناب مهرا أى: مصوتا ومفزعا
(قوله: لأن المهر) أى: الأمر المفزع للكلب والموجب لتصويته لا يكون إلا شرا؛ لأن حصول الخير للكلب لا يهره ولا يفزعه، وإذا كان كذلك فلا يتوهم أحد أن الإهرار يكون بالخير حتى يرد عليه بالحصر؛ لأن نفى الشىء عن الشىء فرع عن إمكان ثبوته له، هذا حاصل كلامه. وفيه نظر؛ لأن التخصيص قد يكون فى المنزل منزلة المجهول، وقد يكون لمجرد التوكيد، فاختصاص الشر بالهرير- وإن كان معلوما لكل أحد- فيجوز أن ينزل منزلة المجهول ويستعمل فيه القصر، أو أنه استعمل فيه على سبيل التأكيد أو لغفلة المخاطب عن كون المهر لا يكون إلا شرا، بل يحتمل عنده أن يكون خيرا أيضا، وقد يجاب بأن الأصل فى التخصيص أن يكون فيما يمكن فيه الإنكار واستعماله فيما ذكر خلاف الأصل فيه. تأمل.
إن قلت كون المهر لا يكون إلا شرا إنما يقتضى عدم الاحتياج للتخصيص، لا امتناعه كما ادعاه المصنف قلت: اللازم وإن كان عدم الاحتياج فقط إلا أن ما لا يحتاج له ممتنع عند البلغاء الذين كلامهم موضوع الفن.
(قوله: فلنبوّه) أى: هذا التقدير عن مظان أى: موارد استعماله.
(١) مثل يضرب عند ظهور أمارات الشر ومخايله، وأهرّ حمله على الهرير، وهو أن يكشر السبع عن أنيابه ويصوّت إذا رأى ما يفزعه، وذو الناب: السبع. [انظر أمثال الميدانى ١/ ٣٢٦].