للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل بدل الكل أيضا لا يخلو عن إيضاح وتفسير ولم يتعرض لبدل الغلط؛ لأنه لا يقع فى فصيح الكلام.

===

قال العلامة السيد: يحتمل أنهما بمعنى واحد ويحتمل أن يكون الأول أى التفصيل بعد الإجمال إشارة إلى بدل البعض، فإن الكل جملة الأجزاء والتفصيل ناسبها، والثانى أى:

التفسير بعد الإبهام إشارة إلى بدل الاشتمال، فإن الأول فيه مبهم يحتاج إلى تفسير كما عرفت، ويحتمل أن يكون الأول نظرا للمقصود فى نفسه، فإنه كان مجملا ثم فصل، والثانى نظرا إلى المخاطب، فإنه أبهم عليه المقصود أولا، ثم أزيل إبهامه

(قوله: بل بدل الكل إلخ) أى: كما قيل فى قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (١) فإن الصراط الثانى بدل، وفيه بيان أن الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعمت عليهم بالإيمان والرضوان والهدى من كل ضلال

(قوله: ولم يتعرض لبدل الغلط إلخ) أى: للبدل لأجل الغلط أو لتدارك الغلط أو لبدل المغلوط وهو المبدل منه- قاله عبد الحكيم.

أى: ولم يتعرض لبدل البداء أيضا وهو أن تذكر المبدل منه عن قصد، ثم يبدو لك ذكر البدل، فتوهم أنك غالط وهذا يعتبره الشعراء كثيرا مبالغة وتفننا، وشرطه أن يرتقى من الأدنى إلى الأعلى كقولك: هند نجم بدر، أو بدر شمس، فكأنك وإن كنت متعمدا فى الأول ذكر النجم تغلط نفسك، وتريد أنك لم تقصد إلا تشبيهها بالبدر؛ لأن حكمه حكم المعطوف ببل فأدخل اعتباره فيه. قاله ابن يعقوب.

(قوله: لأنه لا يقع فى فصيح الكلام) أى: إنه لا يقع فيه إذا كان عن غلط حقيقى، وأما إذا كان عن تغالط بأن ترتكب عمدا صورة الغلط فلا مانع من وقوعه فى الفصيح، وهو بدل البداء المتقدم.

وفى الفنارى: قد يناقش فى عدم وقوع بدل الغلط فى فصيح الكلام بأنه تدارك الغلط، وأنه لا ينافى الفصاحة بالمعنى السابق فهو كقولك: جاءنى زيد، بل عمرو، نعم لا يقع فى كلام الله لا لأنه يستلزم عدم الفصاحة، بل لعدم جواز وقوع الغلط عليه سبحانه


(١) الفاتحة: ٦، ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>