ولا شك أن المراد به الشخص المسمى بأبى لهب، لا كافر آخر.
(أو إيهام استلذاذه) أى: وجدان العلم لذيذا، نحو قوله:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ... ليلاى منكنّ أم ليلى من البشر (١)
(أو التبرك به) ...
===
(قوله: ولا شك أن المراد إلخ) أى: وحيث كان المراد الشخص المسمى بأبى لهب لا كافرا آخر لم يكن كناية عن الجهنمى إلا على القول الأول، إذ على القول الثانى لا يكون أبو لهب كناية عن الجهنمى إلا إذا كان المراد شخصا غير المسمى بأبى لهب كما مر
(قوله: أو إيهام استلذاذه) أى: استلذاذ المتكلم بالمسند إليه أن يوهم المتكلم المخاطب أنه وجد المسند إليه لذيذا، وفى ذكر الإيهام نظر؛ لأن اللفظ الدال على المحبوب للنفس لذيذ عندها فالاستلذاذ حاصل تحقيقا لا على سبيل الإيهام، فالأولى أن يقول أو الإعلام بالاستلذاذ به، وأجيب بأمرين الأول أن المراد اللذة الحسية باعتبار الدلالة على المعنى، ولا شك أنها متوهمة لا محققة، الثانى أن المراد اللذة بذكر العلم من غير اعتبار الدلالة على المعنى، ولا شك أن حصول اللذة المعنوية بذكر العلم من غير اعتبار الدلالة على المعنى أمر متوهم.
هذا كله إن فسرنا الإيهام بالتوهم، أما لو أريد به الإيقاع فى وهم السامع أى:
ذهنه ولو على سبيل التحقق فلا اعتراض أصلا
(قوله: ليلاى إلخ) أضاف ليلى إلى نفسه حين كونها من الظبيات ولم يضفها إلى نفسه حين كونها من البشر لكمال حسده وغيرته- ذكره شيخنا الحفنى، والشاهد فى قوله: أم ليلى، إذ مقتضى الظاهر أن يقول:
أم هى لتقدم المرجع، لكنه أورد المسند إليه علما لإيهام استلذاذه.
(قوله: أو التبرك) يصح أن يراد التبرك به باعتبار دلالة العلم على المعنى، وأن يراد التبرك به بمجرد ذكر العلم من غير اعتبارات تلك الدلالة فعلى التوجيه الأول يتعين عطفه على الإيهام؛ لأن التبرك حاصل تحقيقا، لا أنه متوهم وعلى الثانى يكون معطوفا على الاستلذاذ؛ لأن التبرك حينئذ متوهم لا محقق.
(١) نسب لقيس بن الملوح فى كتاب التبيان للطيى تحقيق د/ عبد الحميد هنداوى ص ١٤٨ ج ١، معاهد التنصيص ٣/ ١٦٧، ونسب للعرجى فى ذيل ديوانه ص ١٨٢، شرح المرشدى على عقود الجمان ص ١/ ٥٧.