للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق ما ذكره الشيخ.

===

لأن الفاعل من قام به الفعل، ولا يقال: إنه تعالى قام به السرور وغيره مما ذكر

(قوله: والحق ما ذكره الشيخ) وذلك لأنه ليس مراده نفى الفاعل رأسا، بل مراده نفى وجوب فاعل أسند إليه الفعل قبل إسناده إلى المجازى، ومحصله أنه لا يشترط فى المجاز أن يكون المسند قد أسند قبل إلى الفاعل الحقيقى، بل يجوز أن يكون من أول الأمر إلى آخره لم يسند ذلك المسند إلا إلى الفاعل المجازى. اهـ. سم.

وحاصل ما فى المقام أنه لا نزاع بين القوم فى أن الفعل الموجود فى الخارج لا بد له من فاعل يقوم به فى نفس الأمر لاستحالة وجود الفعل بذاته؛ لأنه من الأعراض ومعانى هذه الأفعال المتعدية فى هذه الصور من المسرة والإقدام والزيادة ليست موجودة فى الخارج أصلا لكونها أمورا اعتبارية، فلا يصح أن يكون لها فاعل حقيقى بحيث ينتقل الإسناد عنه إلى الفاعل المجازى، بل الموجود فيه بحسب قصد المتكلم هو معانى الأفعال اللازمة من السرور والقدوم والازدياد، وعبر عن القدوم مثلا بالإقدام؛ لأجل المبالغة فى ملابسة الفعل للفاعل، فإذا وجد القدوم لأجل الحق، والسرور لأجل الرؤية وزيادة العلم بالحسن لأجل رؤية الوجه، وأريد المبالغة فى ملابسة هذه المعانى للداعى لها فرض هناك فاعل لتلك الأفعال المتعدية، ثم ينتقل إسنادها من ذلك الفاعل المتوهم إلى الداعى المذكور لتحصيل المبالغة المذكورة، فإن نقل الإسناد من الفاعل المتوهم كنقله من الفاعل المحقق فى تحصيل المبالغة، فصح القول بأن هذه الأفعال المتعدية لا فاعل لها فى الخارج لعدم وجودها فيه، والفعل المتوهم بمنزلة العدم، وهذا مذهب الشيخ، وأما الإمام الرازى: فيرى أن معانى الأفعال اللازمة ممكنة، وقد انعقد الإجماع على أن كل ممكن لا بد له من فاعل موجد، وحينئذ فيجب أن يكون لهذه الأفعال فاعل موجود يكون إسناد الأفعال المتعدية اللازمة لها إلى ذلك الفاعل حقيقة، وهو الله عندنا والعبد عند المعتزلة، ويرد عليه بأن المراد بالفاعل فى هذا المقام فاعل الأفعال اللازمة لا فاعل الأفعال المتعدية، ولو سلم فليس المراد بالفاعل الموجود، وإنما المراد به من قام به الفعل كما مر، والله سبحانه وتعالى ليس فاعلا لهذه الأفعال بالمعنى المذكور، إذ لا يقال: إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>