للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: يزيدك الله حسنا فى وجهه) لما أودعه من دقائق الحسن والجمال ...

===

لأيقن أنّ حبّ المر ... د يلقى سهله وعرا

ولا سيما وبعضهم ... إذا حيّيته انتهرا

فقوله: يزيدك وجهه حسنا من الزيادة المتعدية لمفعولين أحدهما: كاف الخطاب الموجه لغير معين للمبالغة، وثانيهما: حسنا، وهذا بيان لكون سناهما يفوق سنا القمر، فإن قلت: المفعول الثانى لزاد شرطه أن تصح إضافته للمفعول الأول كما فى قوله تعالى «زادهم اللَّهُ مَرَضاً (١) فإنه يصح أن يقال زاد الله مرضهم، ولا يصح إضافة الحسن هنا إلى الكاف، فلا يقال: يزيد وجهه حسنك؛ لأن الحسن ليس وصفا للمخاطب، بل للمحبوب الذى عاد عليه الضمير فى وجهه، قلت: الكلام على تقدير مضاف أى: يزيدك وجهه علم حسن أى: علما بحسن فى وجهه إذا ما زدته نظرا أى: إذا دققت النظر فى وجهه وأمعنته فيه؛ وذلك لأن وجهه مشتمل على دقائق حسن متعددة، فيظهر فى كل مرة من النظر والتأمل دقيقة لم تظهر فى المرة التى سبقت، وبتقدير المضاف الذى قلناه يندفع أيضا ما يقال: إن الحسن موجود فى الوجه على وجه معلوم؛ فلا يزداد بتكرر النظر، وحينئذ فظاهر البيت مشكل، ثم إن من المعلوم أن الوجه لا يتصف بجعل المتكلم موصوفا بإدراك الحسن الزائد، فلذا كان الإسناد إليه مجازا، وإنما يتصف بذلك الجعل المولى سبحانه وتعالى، فالإسناد إليه حقيقة، ولذا أشار المصنف لبيانها بقوله أى: يزيدك الله حسنا أى:

علما بحسن فى وجهه من حيث ظهوره لا من حيث وجوده، فإنه فى غاية الكمال فى نفسه، لكن لدقته يظهر بعد التأمل والنظر

(قوله: فى وجهه) أشار إلى أن وجهه مفعول ثالث ليزيد بواسطة الحرف، وأن الإسناد فى الكلام المذكور إلى المفعول بواسطة

(قوله: لما أودعه إلخ) هذا دافع لما عسى أن يتراءى من المخالفة بين ما فى البيت وما اشتهر من المثل وهو: كثرة المشاهدات تقل الحرمة فى العادات- ووجهه أن بكل نظر يرى حسنا آخر من محاسن جماله ودقيقة أخرى من دقائق كماله. اهـ. قرمى.


(١) البقرة: ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>