كما فى قولنا لمن حفظ التوراة: قد حفظت التوراة. وتسمية مثل هذا الحكم فائدة الخبر بناء على أنه من شأنه أن يقصد بالخبر ويستفاد منه. والمراد بكونه عالما بالحكم ...
===
تذكار فلا يعتبر
(قوله: كما فى قولنا لمن حفظ التوراة) أى: والحال أنه يعلم أن ما حفظه هو التوراة فلا بد من هذا لصحة التمثيل بهذا المثال، وإلا فيمكن أن يحفظها من لا يعلم أنها التوراة، ولعل الشارح لم يقيد بقوله: لمن علم أن ما حفظه هو التوراة إشعارا بأن حفظها لا ينفك عادة عن العلم بها، من حيث إنه توراة، وإن جاز فى المحقرات الانفكاك.
(قوله: وتسمية إلخ) حيث قيل لازم فائدة الخبر وقوله مثل هذا الحكم أى:
تسمية هذا الحكم وما ماثله، والمراد بهذا الحكم الحكم بحفظ المخاطب التوراة والمراد بما ماثله كل حكم يكون معلوما قبل الإخبار، وأشار بهذا للجواب عما يقال: إن حفظ التوراة معلوم للمخاطب لم يستفد من الخبر ولم يقصد به، فكيف يسمى فائدة؟ وحاصل الجواب أنه ليس المراد بالفائدة ما يستفاد من الخبر بالفعل، بل شأنه أن يستفاد منه.
(قوله: والمراد بكونه) أى: المخبر المذكور فى قوله: كل ما أفاد الحكم أفاد أنه عالم به، ولو قال: والمراد بعلمه لكان أنسب بقوله حصول صورة إلخ، وهذا جواب عن المنع الوارد على الملازمة فى قوله: كل ما أفاد الحكم أفاد أنه عالم به، وتقرير المنع لا نسلم الملازمة أى: لا نسلم أنه كل ما أفاد الحكم أفاد أنه عالم به لجواز أن يكون المخبر أخبر بشىء عالما بخلافه، أو شاكا فيه مترددا، أو ظانا له، أو متوهما، وحاصل الجواب: أن هذا المنع لا يرد إلا إذا قلنا المراد بالعلم الاعتقاد الجازم المطابق وليس كذلك، بل المراد بالعلم حصول صورة هذا الحكم فى ذهن المخبر، وهذا ضرورى فى كل عاقل تصدى للإخبار سواء كان معتقدا له اعتقادا جازما أو غير جازم أو غير معتقد أصلا أو معتقدا لخلافه، فكل مخبر بخبر تحصل صورة الحكم فى ذهنه وإن كانت تلك الصورة قد لا تطابق الواقع وهذه الصورة تسمى علما وإطلاق العلم عليها اصطلاح الحكماء ومشتهر بين الناس
(قوله: والمراد بكونه عالما) أى: فى قولنا كل ما أفاد الحكم أفاد أنه عالم بالحكم.