العالم حادث، كان الخبر مطابقا للواقع، فإذا اعتقدت مطابقته له كان الواقع والاعتقاد متوافقين، وحينئذ فيكون ذلك الخبر المطابق للواقع مطابقا للاعتقاد أيضا، وإذا قلت:
العالم قديم، فالخبر غير مطابق للواقع، فإذا اعتقدت عدم مطابقته للواقع كان الواقع والاعتقاد متوافقين، وحينئذ فيكون ذلك الخبر الغير المطابق للواقع غير مطابق للاعتقاد أيضا.
(قوله: ضرورة توافق إلخ) مفعول لأجله علة لقوله يستلزم أى: لضرورة توافق إلخ أى: لتوافق الواقع والاعتقاد حينئذ ضرورة، وقوله: حينئذ أى: حين إذا اعتقد مطابقته أى: الخبر للواقع، والحال أن الخبر مطابق للواقع، واعلم أن اعتقاد المطابقة يستلزم مطابقة الاعتقاد سواء كان بين الواقع والاعتقاد موافقة أو مخالفة؛ لأن العاقل لا يعتقد مطابقة الحكم للواقع إلا بعد أن يعتقد ذلك الحكم الذى يعتقد أنه مطابق للواقع سواء طابق الواقع أم لا، فالأول: كأن يخبر شخص بأن السماء فوقنا معتقدا ذلك، فبين الواقع والاعتقاد هنا موافقة، واعتقاده مطابقة الخبر للواقع يستلزم مطابقة الخبر للاعتقاد وهذا ظاهر.
والثاني: كأن يخبر شخص فلسفى بأن العالم قديم وهو يعتقد ذلك، فاعتقاد مطابقة ذلك الخبر للواقع يستلزم مطابقة الخبر لاعتقاده وإن كان ليس بين الواقع واعتقاده توافق؛ لأن الواقع أن العالم حادث واعتقاده أنه قديم، وظاهر قول الشارح ضرورة توافق إلخ: يقتضى أن استلزام اعتقاد مطابقة الخبر للواقع لمطابقة الخبر للاعتقاد متوقف على موافقة الواقع والاعتقاد، وقد علمت أن الأمر ليس كذلك، ومثل ما قيل فى جانب الصدق يقال فى جانب الكذب، فيقال اعتقاد عدم المطابقة يستلزم عدم مطابقة الاعتقاد سواء كان بين الواقع والاعتقاد موافقة أو مخالفة؛ لأن العاقل إذا اعتقد أن الحكم غير مطابق للواقع اعتقد خلافه سواء كان الخبر مطابقا للواقع أو لا، فالأول: