للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: فى تسمية هذا الإخبار شهادة؛ لأن الشهادة ما يكون على وفق الاعتقاد، فقوله: تسميتها مصدر مضاف إلى المفعول الثانى، ...

===

لتسمية ذلك الخبر الخالى عن موافقة الاعتقاد شهادة، وفيه أن التسمية وضع الاسم وهو لا يوصف بصدق ولا كذب؛ لأن تسمية شىء بشىء ليست من باب الإخبار، وحينئذ فيكون مثل هذا غلطا فى إطلاق اللفظ لا كذبا، وأجيب بأن تسميتهم ذلك الخبر شهادة تتضمن دعوى قائلة: خبرنا هذا يسمى شهادة التكذيب راجع إلى التسمية باعتبار ما تضمنته تلك التسمية من دعواهم أن خبرهم هذا يسمى شهادة، فكأنهم قالوا خبرنا هذا يسمى شهادة، فقيل لهم كذبتم ليس خبركم هذا يسمى شهادة؛ لأن الشهادة إنما تكون على وفق الاعتقاد، فظهر لك مما قررناه الفرق بين الوجه الأول والثاني؛ وذلك لأن التكذيب فى الوجه الأول راجع للشهادة باعتبار ما تضمنته من الكلام الخبرى وهو أن شهادتنا هذه من صميم القلب، فكأنه قيل لهم: دعواكم أن هذه الشهادة من صميم القلب كذب، فإنها لم تكن من صميم القلب، والتكذيب فى الوجه الثانى راجع لتسمية خبرهم شهادة باعتبار ما تضمنته تلك التسمية من دعواهم إن أخبارهم هذا مما يطلق عليه شهادة، فكأنه قيل لهم: كذبتم فى تلك الدعوى ليس خبركم هذا مما يطلق عليه شهادة؛ لأن شرط ما يطلق عليه الشهادة أن يكون موافقا للاعتقاد وهذا ليس كذلك.

(قوله: أى فى تسمية هذا الأخبار) أى: الخالى عن موافقة الاعتقاد شهادة قال سم: فإن قلت كونه إخبارا ينافى كونه شهادة؛ لأن الشهادة إنشاء على التحقيق عندهم. قلت لا منافاة لأن الإخبار أيضا إنشاء، فالمنافى للشهادة إنما هو الخبر لا الإخبار.

(قوله: لأن الشهادة إنما تكون على وفق الاعتقاد) اعترض بأن اشتراط الموافقة للاعتقاد فى مطلق الشهادة ممنوع بدليل قولهم شهادة الزور، وأجيب بأن إطلاق الشهادة على الزور مجاز، إذ حقيقة الشهادة أن تكون عن علم بالمشهود به واعتراف به، ولك أن تقول: هذا الاعتراض غير وارد؛ لأن الكلام على سبيل المنع، وحاصله لا نسلم أن التكذيب راجع لقولهم: إنك لرسول الله لم يجوز أن يكون راجعا إلى تسمية

<<  <  ج: ص:  >  >>