للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبيت البحترى أبلغ لما فى لفظى تألق والمصقول من الاستعارة التخييلية فإن التألق والصقالة للكلام بمنزلة الأظفار للمنية ولزم من ذلك تشبيه كلامه بالسيف وهو استعارة بالكناية (وثالثها) أى ثالث الأقسام وهو أن يكون الثانى مثل الأول (كقول الأعرابى أبى زياد:

ولم يك أكثر الفتيان مالا ... ولكن كان أرحبهم ذراعا)

===

تفسير

(قوله: فبيت البحترى أبلغ) حاصله أن كلّا من البيتين تضمن تشبيه اللسان بآلة الحرب فى النفاذ والمضاء وإن كانت الآلة المعتبرة فى الأول السيف والآلة المعتبرة فى الثانى الرمح، ولكن بيت البحترى أجود؛ لأنه نسب فيه التألق والصقالة للكلام وهما من لوازم السيف على حد المنية والأظفار، فكان فى كلامه استعارة بالكناية، فازداد بهذا حسنا، بخلاف بيت أبى الطيب، وتقرير الاستعارة المذكورة أن يقال: شبه الكلام الموجب لتأثير المضاء والنفوذ فى النفوس بالسيف الموجب للتأثير من الجذّ والقطع، وطوى ذكر المشبه به ورمز إليه بذكر شىء من لوازمه وهو التألق والصقالة على طريق الاستعارة بالكناية وإثبات التألق تخييل والصقالة ترشيح لأن مجموعهما تخييل كما هو ظاهر الشارح؛ لأن التخييل لا يكون إلا واحدا ويزيد بيت البحترى على بيت أبى الطيب أيضا بأن فيه حسب التى للظن وهى أقوى فى الدلالة على التشبيه من كأن على أن فى بيت أبى الطيب قبحا من جهة أخرى وهو أن المتبادر من كلامه أن ألسنتهم قطعت وجعلت خرصانا وفيه من القبح ما لا يخفى

(قوله: للكلام) أى: اللذين أثبتهما للكلام

(قوله: بمنزلة الأظفار للمنية) أى: بمنزلة الأظفار التى أثبتت للمنية

(قوله: ولزم من ذلك) أى: من إثبات التألق والصقالة للكلام؛ لأن التخييلية والمكنية متلازمان على ما سبق

(قوله: وهو استعارة بالكناية) الضمير للتشبيه على مذهب المصنف فى الاستعارة بالكناية، أو للسيف بناء على مذهب القوم فيها

(قوله: مثل الأول) أى: فى البلاغة

(قوله: كقول الأعرابى) هذا هو الكلام الأول، والثانى قول أشجع الآتى

(قوله: ولم يك أكثر الفتيان مالا (١)) أى: لم يكن الممدوح أكثر الأقران مالا.


(١) لأبى زياد الأعرابى فى شرح عقود الجمان (٢/ ١٧٩) والإشارات ص ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>