للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى هذا الكلام إشارة إجمالية إلى ضبط مقتضيات الأحوال، ...

===

فيسمى مقاما، وإنما اختير لفظ المقام دون غيره من أسماء الأمكنة: كالمجلس والمضجع، ولفظ الحال دون غيره من أسماء الزمان: كالمستقبل والماضى؛ لأن البلغاء كانوا يتكلمون بالكلام البليغ من خطب وأشعار وهم قائمون، فأطلق المقام على الأمر الداعى؛ لأنهم يلاحظونه فى محل قيامهم؛ ولأن هذا الكلام إنما يؤدى فى حال الإنكار مثلا لا قبله ولا بعده، أو أنهم خصوا الحال من بين الأزمنة الثلاثة؛ لأنها أوسطها، وخير الأمور الوسط، فناسب أن يعبر عن ذلك الأمر الذى تتوقف عليه البلاغة به. كذا قرر بعض الأفاضل فى وجه اختيار هذين اللفظين، وهو يفيد أن المراد بالحال الزمان، وأن المقام اسم مكان، وقال غيره: الحال فى الأصل ما عليه الإنسان من الصفات، والمقام بمعنى الرتبة، وليس الحال أحد الأزمنة الثلاثة، وليس المراد بالمقام اسم مكان، وإنما سمى الأمر الداعى كالإنكار بالحال؛ لأنه مما لا يتغير ويتبدل: كالحال الذى عليه الإنسان من غضب أو رضا، أو لأنه صفة وحال من أحوال الإنسان، وسمى بالمقام؛ لأن مراتب الكلام تتفاوت بالأحوال، كما أن مراتب الرجال ودرجاتهم تتفاوت بالمقامات.

(وقوله: وفى هذا الكلام) أعنى: قول المصنف الآتى فمقام إلخ: فاسم الإشارة راجع لما يأتى كما يدل له كلام الشارح فى المطول، حيث قال ثم شرع فى تفصيل تفاوت المقامات مع إشارة إجمالية لضبط مقتضيات الأحوال أ. هـ.

أو يقال إن الإشارة لما سبق باعتبار أنه وسيلة وتمهيد لما يأتى. تأمل.

(قوله: إشارة إجمالية إلى ضبط مقتضيات الأحوال) المراد بضبطها حصرها وعدها؛ وذلك لأن المصنف حصر مقتضيات الأحوال فى أقسام ثلاثة ما يتعلق بأجزاء الجملة، وما يتعلق بالجملتين فصاعدا، وما لا يختص بشىء من ذلك؛ بل يتعلق بهما معا مرتبا لهذه الأقسام على هذا الترتيب، فأشار إلى القسم الأول بقوله: فمقام كل إلخ، وإلى الثانى بقوله:

ومقام الفصل يباين مقام الوصل، وإلى الثالث بقوله: ومقام الإيجاز إلى قوله- ولكل كلمة مع صاحبتها مقام، وإنما كان كلام المصنف مشيرا لضبط المقتضيات وليس صريحا فى ذلك؛ لأن مدلوله المطابقى ضبط المقامات المضافة إلى مقتضيات الأحوال التى

<<  <  ج: ص:  >  >>