للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول أبى الطيب (أعدى الزمان سخاؤه) يعنى تعلم الزمان منه السخاء وسرى سخاؤه إلى الزمان ...

===

فعل ماض معناه بعد وفاعله محذوف تقديره بعد إتيان الزمان بمثل ذلك المرئى بدليل ما بعده وهو قوله: لا يأتى الزمان بمثله أو بعد نسيانى له بدليل ما قبله وهو قوله:

أنسى أبا نصر نسيت إذا يدى ... من حيث ينتصر الفتى وينيل (١)

وقوله: أنسى إحدى الهمزتين فيه محذوفة على نمط أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً (٢) والاستفهام إنكارى، وينيل من الإنالة وهى الإعطاء

(قوله: إن الزمان بمثله لبخيل) أى: إن الزمان بخيل بإيجاد مثله فى الماضى والمستقبل وهذه الجملة مستأنفة جوابا لسؤال مقدر، كأنه قيل: لماذا لا يأتى الزمان بمثله؟ هل لأنه بخيل بمثله أو لاستحالة مثله؟ فقال: إن الزمان بمثله لبخيل فالتأكيد هنا بإنّ لكون المقام مقام أن يتردد، ويسأل هل بخل الزمان بمثله أو لم يبخل؟ بل استحال ولما كان هذا معنى الكلام وهو يشعر بإمكان المثل، لكن منع من وجوده بخل الزمان أو رد على أبى تمام أن الكلام قاصر، وأن صوابه التعبير بما يفيد امتناع وجود المثل لا بما يفيد إمكانه، إلا أنه منع من الوجود عارض وهو بخل الزمان، وأجيب بأن المراد ببخل الزمان بوجود مثله امتناع وجود مثله على سبيل الكناية؛ لأن البخل بالشىء يستلزم انتفاء علّة وجوده وإذا انتفت علّة وجوده بقى امتناعه، فصار حاصل المعنى أن الزمان لا يأتى بمثله لامتناع وجود مثله فى الماضى والمستقبل، ونسبة التأثير إلى الزمان من الموحد لا تضر؛ لأن المراد بها تلبسه بالفعل وذم الزمان بالبخل ومدحه بالكرم لا يضر من الموحد أيضا؛ لأنه ينزل منزلة العاقل المكتسب وهو يذم على اكتسابه شرعا وطبعا وما نزل منزلته كهو

(قوله: وقول أبى الطيب) هو المأخوذ

(قوله: (٣) أعدى الزمان سخاؤه) أى: سرى سخاؤه إلى الزمان


(١) لأبى تمام فى شرح ديوانه ص ٣٦٣.
(٢) سبأ: ٨.
(٣) لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (١/ ١٩٠)، وشرح عقود الجمان ٢/ ٧٩، والإشارات ص ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>