فى الخطابيات دون القطعيات المعتبرة فى البرهانيات (وقوله (١) حلفت فلم أترك لنفسك ريبة) أى شكا (وليس وراء الله للمرء مطلب) فكيف يحلف به كاذبا (لئن كنت) ...
===
وقد استمر هذا النظام العجيب طويلا ولم يحصل فيه فساد، فدل ذلك على عدم التعدد
(قوله: فى الخطابيات) أى: فى الأمور الخطابية المفيدة للظن وبالجملة فالملازمة فى الشرط عادية والدليل إقناعى لحصوله بالمقدمات المشهورة
(قوله: دون القطعيات المعتبرة فى البرهانيات) أى: الأدلة المفيدة لليقين؛ لأن تعدد الآلهة ليس قطعى الاستلزام للفساد لجواز عدم الفساد مع تعدد الآلهة بأن يتفقوا، والحاصل أن الدليل إقناعى لا برهانى وهذا بناء على ما قاله الشارح من أن المراد بالفساد اللازم لتعدد الآلهة الخروج عن هذا النظام المشاهد، وأما لو أريد به عدم السكون أى: عدم الوجود من أصله كانت الملازمة قطعية وكان الدليل برهانيّا؛ وذلك لأنه لو تعدد الإله لجاز اختلافهما ولو توافقا بالفعل، وجواز الاختلاف يلزمه جواز التمانع، وجواز التمانع يلزمه عجز الإله، وعجز الإله يلزمه عدم وجود السماء والأرض، لكن عدم وجودهما باطل بالمشاهدة، فما استلزمه من تعدد الإله باطل
(قوله: وقوله) أى: قول النابغة الذبيانى من قصيدة يعتذر فيها إلى النعمان بن المنذر ملك العرب بسبب تغيظ النعمان عليه بمدحه آل جفنة وهم قوم أصلهم من اليمن فارتحلوا منها ونزلوا بالشام وكان بينهم وبين النعمان عداوة
(قوله: حلفت) أى: حلفت لك بالله ما أبغضتك ولا احتقرتك ولا عرضت عند مدحى آل جفنة بذمك (وقوله: فلم أترك لنفسك ريبة) أى:
فلم أبق عندك بسبب ذلك اليمين شكّا فى أنى لست لك بمبغض ولا عدو، والريبة فى الأصل: الأمر الذى يريب الإنسان أى: يقلقه أريد بها هنا الشك كما قلنا، وقال فى الأطول: المعنى حلفت أنى باق على محبتى وإخلاصى لك الذى كنت عليه، فلم أترك بسبب هذا اليمين نفسك تتهمنى بأنى غيرت إخلاصى لك وأبدلتك بغيرك
(قوله: وليس وراء الله للمرء مطلب) أى: أنه لا ينبغى للمحلوف له بالله العظيم أن يطلب ما يتحقق
(١) للنابغة الذبيانى يعتذر إلى النعمان فى ديوانه ص ٧٢.