وهذا مبنى على ما اشتهر بين أهل الظاهر من المفسرين وإلا فالتحقيق أن هذا تمثيل
===
مرشحة بترشيح بعدها وفى الجدى والحمل مجردة كذا قيل، والحق أن كلا من التوريتين مرشحة للأخرى والأولى ترشيحها واقع بعدها والثانية ترشيحها واقع قبلها كما فى الأطول. بقى شىء آخر وهو أن التورية قد تقترن بما يلائم المعنى البعيد عكس الآية المتقدمة فهذه لا تسمى مرشحة تحقيقا، وهل تسمى مجردة وهو الظاهر أخذا من تعريفها المتقدم وهو: التى لا تجامع شيئا مما يلائم المعنى القريب، فإن ظاهره جامعت شيئا من ملائمات البعيد أولا، وذلك كقول عماد الدين
أرى العقد فى ثغره محكما ... يرينا الصحاح من الجوهر
وتكملة الحسن إيضاحها ... رويناه عن وجهك الأزهر
ومنثور دمعى غدا أحمرا ... على آس عارضك الأخضر
وبعت رشادى بغىّ الهوى ... لأجلك يا طلعة المشترى
فإن قوله: فى ثغره قرينة على أنه ليس المراد بالصحاح كتاب الجوهرى الذى فى اللغة، بل مراده أسنان محبوبه الشبيهة بالجواهر الصحاح فهو من ملائمات المعنى البعيد.
(قوله: وهذا) أى: كون المراد من الاستواء الاستيلاء ومن الأيدى القدرة على طريق التورية
(قوله: على ما اشتهر) أى: وهو مذهب الخلف المؤولين.
(قوله: بين أهل الظاهر من المفسرين) أى: الذين يقتصرون على ما يبدو ويظهر لهم من المعانى، ولم يظهر لهم هنا للأيدى وللاستواء إلا المعنى البعيد.
(قوله: فالتحقيق) أى: أخذا من مقتضى تراكيب البيان.
(قوله: أن هذا) أى: قوله بَنَيْناها بِأَيْدٍ وقوله عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (١) تمثيل أى: استعارة تمثيلية بأن شبهت هيئة إيجاد الله السماء بالقوة والقدرة الأزلية بهيئة البناء الذى هو وضع لبنة وما يشبهها على أخرى بالأيدى الحسية ثم استعير مجموع بنيناها بأيد الموضوع للهيئة المشبه بها للهيئة المشبهة على طريق الاستعارة التمثيلية، وشبهت الهيئة الحاصلة من تصرف المولى سبحانه وتعالى فى الممكنات بالإيجاد والإعدام والقهر والأمر والنهى بالهيئة الحاصلة من استقرار الملك على