إلى الفهم من التحقيقية، والتخييلية ما يكون على الجزم؛ وهو قد ذكر قسما آخر سماه: المحتملة للتحقيق والتخييل؛ كما ذكر فى بيت زهير.
===
إلى الفهم من التحقيقية إلخ) أى من إطلاق لفظ التحقيقية وإطلاق لفظ التخييلية (وقوله: ما يكون على الجزم) أى ما يكون استعارة تحقيقية جزما وما يكون استعارة تخييلية جزما لا على سبيل الاحتمال، وإنما كان المتبادر إلى الفهم ما ذكر؛ لأن الأصل إطلاق اللفظ على ما يوجد فيه معناه، فتكون تسميته به جزما، وإطلاقه على ما يحتمل أن يوجد فيه معناه، فتكون التسمية به احتمالا خلاف المتبادر
(قوله: وهو قد ذكر) أى السكاكى، أى والحال أنه قد ذكر للمصرحة قسما آخر.
(قوله: كما ذكر فى بيت زهير) أى وهو قوله سابقا:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرّى أفراس الصّبا ورواحله (١)
فقد وجه فيه وجهين كما تقدم أحدهما: أن يكون شبه الصبا بالجهة المقضى منها الوطر، وأضمر التشبيه فى النفس استعارة بالكناية، وعليه تكون الأفراس والرواحل تخييلا قرينة للمكنية.
والآخر: أن يكون شبه أسباب استيفاء اللذة أو أن الصبا بالأفراس والرواحل، فتكون الأفراس والرواحل تحقيقية، وذكر الصبا على هذا تجريد، والحاصل أنه لو قال المصنف: وقسمها إلى التحقيقية والتخييلية لاقتضى أن السكاكى حصرها فى القسمين وهو لا يصح؛ لأنه ذكر للمصرحة قسما آخر وهى المحتملة للتحقيقية والتخييلية، فلهذا عدل عن قوله: وقسمها إلى قسمين وجعل منها إلخ، المقتضى أن ثم قسما آخر وهو قسم الاحتمال، ولا يقال قسم الاحتمال داخل فى التحقيقية والتخييلية، لأنا إذا قلنا المصرحة تنقسم للتحقيقية والتخييلية، فمعناه للتحقيقية جزما أو احتمالا، وللتخييلية جزما أو احتمالا، لأنا نقول المتبادر من إطلاق لفظ التحقيق والتخييل ما يكون كذلك جزما لا احتمالا كما تقدم، وقد يقال: إن هذا التقسيم- أعنى قولنا هذه الاستعارة مجزوم بتحقيقيتها وهذه الاستعارة مجزوم بتخييليتها وهذه محتملة للتحقيقية والتخييلية-