على هذا التقدير: (من الصبوة، بمعنى: الميل إلى الجهل والفتوة) يقال: صبا يصبو صبوة، وصبوا- أى: مال إلى الجهل والفتوة- كذا فى الصحاح، لا من الصباء [بالفتح] يقال: صبى صباء- مثل: سمع سماعا- أى: لعب مع الصبيان.
===
بها قوام الجهة التى يسار إليها من حيث المسير إليها، إن قلت: كثيرا ما تقطع المسافات بدون الأفراس والرواحل بل بالمشى، وحينئذ فالمناسب أن بها كما له لا قوامه، قلت:
الكلام فى السير المتعدّ به وهو الذى يتحقق به الوصول بسرعة، وهو لا يكون عادة بدون الأفراس والرواحل، ولو باعتبار حمل زاد المسافر ومائه، وأن قوله: التى بها قوام جهة المسير بناء على الغالب، فى الجهة البعيدة التى يحتاج فيها إلى المشاقّ وهى المشبه بها انعدام السفر فيها بانعدام الآلات، فينعدم قضاء الوطر فينعدم الوجه
(قوله: على هذا التقدير) وهو أن يكون هو المشبه وجهة المسير مشبها بها
(قوله: من الصبوة) أى مأخوذ منها فيفسر بمعناها (وقوله: من الصباء) أى لا أنه مأخوذ من الصبا، بحيث يفسر بمعناه، وهو اللعب مع الصبيان، ثم إنه لما كان أخذه من الصبوة يصدق بأن يراد به الكون صبيّا كما فعل السكاكى، أتى المصنف بقوله: بمعنى الميل إلى الجهل إلخ رد عليه، كذا قرر شيخنا العلامة عطية الأجهورى.
(قوله: بمعنى الميل إلى الجهل) أى إلى الأفعال التى يعدّ مرتكبها جاهلا بما ينبغى له فى دنياه أو آخرته
(قوله: والفتوة) أى الميل إلى الفتوة وهى المروءة والكرم وتستعمل فى استيفاء اللذات وهو المراد هنا، ا. هـ- سيرامى
(قوله: يقال: صبا) بفتح الصاد والباء
(قوله: وصبوا) بضم الصاد والباء وتشديد الواو
(قوله: كذا فى الصحاح) بفتح الصاد اسم مفرد بمعنى الصحيح، يقال: صححه الله فهو صحيح وصحاح بالفتح والجارى على ألسنة الأكثرين كسر الصاد على أنه جمع صحيح كظريف وظراف، ولبعض الأدباء فى استعارة هذا الكتاب مخاطب لبعض الرؤساء:
مولاى إن وافيت بابك طالبا ... منك الصّحاح فليس ذاك بمنكر
البحر أنت وهل يلام فتى سعى ... للبحر كى يلقى صحاح الجوهر
(قوله: بالفتح) أى بفتح الصاد مع المد
(قوله: يقال: صبى) هو بكسر الموحدة كسمع كما قال الشارح، وإنما كان الصبا فى البيت على التقدير المتقدم وهو كونه