قال جار الله: الهيعة: الصيحة التى يفزع منها، وأصلها من: هاع، يهيع، إذا جبن. والشّعفة: رأس الجبل، والمعنى: خير الناس رجل آخذ بعنان فرسه، واستعد للجهاد فى سبيل الله، أو رجل اعتزل الناس وسكن فى رؤوس بعض الجبال فى غنم له قليل يرعاها، ويكتفى بها فى أمر معاشه، ويعبد الله حتى يأتيه الموت.
استعار الطيران للعدو، والجامع داخل فى مفهومها (فإن الجامع بين العدو والطيران هو قطع المسافة بسرعة، وهو داخل فيهما) أى: فى العدو والطيران، ...
===
بدل من شعفة بدل اشتمال، والرابط محذوف والتقدير له
(قوله: قال جار الله) أى:
جار بيت الله الحرام، والمراد به العلّامة محمود الزمخشرى
(قوله: الصيحة) هى الصوت المفزع أى: الموجب للفزع والخوف (فقوله: التى يفزع منها) أى: يخاف من أجلها
(قوله: إذا جبن) أى: فالهيعة فى الأصل معناها الجبن، واستعمالها فى الصيحة مجاز مرسل من استعمال اسم المسبب فى السبب؛ وذلك لأن الصيحة لما أوجبت الخوف- الذى هو الجبن- سميت باسمه وهو الهيعة
(قوله: واستعد للجهاد) أى: بحيث إذا سمع أصوات المسلمين المجاهدين عند المحاربة والمقاتلة قدم لهم بسرعة، وأخذ قوله: واستعد للجهاد من قوله: ممسك بعنان فرسه- فهو كناية عن الاستعداد للجهاد لاستلزامه إياه
(قوله: آخذ بعنان فرسه) يصح قراءته بصيغة اسم الفاعل، ويرشحه قوله فى الحديث: ممسك، ويصح قراءته فعلا ماضيا، ويرشحه قوله بعد: واستعد للجهاد
(قوله: فى بعض رؤوس الجبال) أخذ البعضية من المعنى؛ لأن قوله فى الحديث فى شعفة المراد منه فى أى شعفة، وليس المراد منه فى كل شعفة لاستحالة ذلك
(قوله: قليل) أخذ القلّة من التصغير
(قوله: للعدو) أى: عدو الفرس وهو ذهابها للحرب بسرعة.
(قوله: فإن الجامع بين العدو) أى: الذى هو المستعار له (وقوله: والطيران) أى:
الذى هو المستعار منه
(قوله: وهو) أى: قطع المسافة بسرعة داخل فيهما أى: لأنه جنس من مفهوم كلّ منهما؛ لأن الطيران قطع المسافة بسرعة فى الهواء، والعدو: قطع