فى قولهم: التشبيه بالوجه العقلى أعم إذ الأمر المشترك فيه هاهنا هو اتصال (ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس) وهذا بخلاف التشبيهات المجتمعة؛ كما فى قولنا: زيد كالأسد، والسيف، والبحر. فإن القصد فيها إلى التشبيه بكل واحد من الأمور على حدة حتى لو حذف ذكر البعض لم يتغير حال الباقى فى إفادة معناه، بخلاف المركب؛ فإن المقصود منه يختل بإسقاط بعض الأمور.
===
للقوم العطاش
(قوله: فى قولهم) أى: أهل هذا الفن
(قوله: بالوجه العقلى) أى: باعتباره وبواسطته (وقوله: أعم) أى: من التشبيه بالوجه الحسى أى: باعتباره وبواسطته وذلك لما مرّ من أنه متى كان الوجه حسيّا فلا يكون الطرفان إلا حسيين، وأما إذا كان الوجه عقليّا فتارة يكونان حسيين، وتارة عقليين، وتارة مختلفين
(قوله: ابتداء مطمع) أى: ابتداء شىء مطمع، وهذا مأخوذ من الشطر الأول وذلك كظهور السحابة للقوم العطاش فى المشبه به وظهور الأمر المحتاج لما فيه فى المشبه (وقوله: بانتهاء مؤيس) أى: شىء مؤيس، وهذا مأخوذ من الشطر الثانى، وذلك كتفرق السحابة وانجلائها فى المشبه به وزوال الأمر المرغوب لما فيه فى المشبه فمصدوق الشىء المؤيس تفرق السحابة، والمراد بانتهائه تمام ذلك التفرق، وإذا علمت أن التشبيه بواسطة الوجه المذكور- أعنى: اتصال ابتداء المطمع بانتهاء المؤيس- وجب انتزاعه من مجموع البيت وكان الانتزاع من الشطر الأول خطأ، لأنه لا يفيد ذلك المعنى بتمامه وذكر اتصال الابتداء بالانتهاء إشارة للسرعة وقصر ما بينهما
(قوله: وهذا) أى: التشبيه المركب المذكور بخلاف التشبيهات المجتمعة، وحاصل ما ذكره من الفرق بينهما: أن الأول لا يجوز فيه حذف بعض ما اعتبره، وإلا اختلّ المعنى ولا تقديم بعض ما اعتبر على بعض بخلاف الثانى
(قوله: زيد كالأسد والسيف والبحر) أى: فى الشجاعة والإضاءة والجود، والمراد بالتشبيهات المجتمعة التى يكون الغرض منها مجرد الاجتماع فى إفادة معناه- أعنى التشبيه المستقل- وفوات اجتماع الصفات فى المخبر عنه ليس تغييرا فى إفادة التشبيه، بل ذلك من عدم ذكر العطف- كما قاله عبد الحكيم.
(قوله حتى لو حذف) تفريع على ما قبله، والمراد بالحذف لازمه وهو الترك، وليس المراد أنه ذكر ثم حذف.