بالحس من غير الحسى شىء) فإن وجه الشبه أمر مأخوذ من الطرفين، موجود فيهما، والموجود فى العقلى إنما يدرك بالعقل دون الحس؛ إذ المدرك بالحس لا يكون إلا جسما، أو قائما بالجسم (والعقلىّ) من وجه الشبه (أعم) من الحسى (لجواز أن يدرك بالعقل من الحسىّ شىء) أى: لجواز أن يكون طرفاه حسيين أو عقليين، أو أحدهما حسيّا والآخر عقليّا؛ ...
===
مختلفا فلأنه لا بد من انتزاع كل واحد من ذلك المتعدد من الطرفين، ويمتنع انتزاع الذى هو حسى من العقلى بخلاف وجه الشبه المركب من الحسى والعقلى فإنه عقلى، وإن كان بعض أجزائه حسيّا فيجوز أن يكون طرفاه أحدهما عقليّا مركبا من الحسى والعقلى- فتدبر- قاله عبد الحكيم
(قوله: بالحس) أى: الظاهرى كالسمع والبصر .. إلخ
(قوله: من غير الحسى) أى: من الطرف غير الحسى وهو العقلى (وقوله: شىء) هو وجه الشبه
(قوله: من غير الحسى) من للابتداء متعلقة ب" يدرك" على تضمنه معنى يوجد فلذا عداه بمن أى:
لامتناع أن يوجد شىء من غير الحسيات وهى العقليات مدركا بالحواس وليست" من" بيانا لشىء، وقد أشار لذلك الشارح
(قوله: والموجود) أى: والوصف الموجود من وجه الشبه فى الطرف العقلى
(قوله: لا يكون إلا جسما) هذا بناء على قول أهل السنة (وقوله: أو قائما بالجسم) بناء على قول الحكماء: إن الحواس لا تدرك الأجسام، بل الأعراض القائمة بها فأوفى كلامه لتنويع الخلاف، ثم إن الجسم عبارة عن الجوهر المركب فيفيد أن الجوهر المفرد لا يدرك بالحس
(قوله: والعقلى من وجه الشبه) أى: سواء كان عقليّا صرفا أو بعض أجزائه عقليّا وبعضها حسيّا
(قوله: أعم) أى: من حيث الطرفين، أو فى العبارة مضاف محذوف والتقدير: وطرف العقلى من وجه الشبه أعم من طرفه الحسى، وإنما جعلنا العموم والخصوص فيهما باعتبار محليهما أى: طرفيهما لا باعتبار ذاتيهما لتباينهما، إذ لا يتصور تصادق بين حسى وعقلى؛ لأن الوجه الحسى هو الذى لا يدرك أولا إلا بالحس والوجه العقلى هو الذى لا يدرك أوّلا إلا بالعقل، وليس المراد بالعقلى مطلق المدرك بالعقل، إذ لو أريد ذلك لم تصح مقابلته بالحسى فى التقسيم ضرورة أن كل مدرك بالحس مدرك بالعقل ولا ينعكس فيكون العقلى على هذا أعم فلا يقابله الحسى