كالسماء والأرض) فى المحسوسات، فإنهما وجوديان؛ أحدهما: فى غاية الارتفاع، والآخر: فى غاية الانحطاط؛ وهذا معنى شبه التضاد، وليسا متضادين؛ لعدم تواردهما على المحل؛ لكونهما من الأجسام دون الأعراض، ولا من قبيل الأسود والأبيض؛ لأن الوصفين المتضادين هاهنا ليسا بداخلين فى مفهومى السماء والأرض.
===
المسند إليهما وهمى لتحققه بشبه التضاد بينهما
(قوله: كالسماء والأرض) أى: كشبه التضاد الذى بين السماء والأرض
(قوله: أحدهما فى غاية الارتفاع إلخ) المراد بالغاية هنا الكثرة وإن لم تبلغ النهاية، فاندفع ما يقال: إن السماء الأولى ليست فى غاية الارتفاع؛ لأن ما فوقها أرفع منها والأرض العليا ليست فى غاية الانحطاط، وما أجاب به بعضهم:
من أن المراد بالسماء مجموع السموات، وبالأرض مجموع الأرضين- ففيه نظر؛ لأن الذى فى غاية الارتفاع العرش، والذى فى غاية الانحطاط الماء الذى تحت الأرض السابعة.
(قوله: وهذا) أى: كون أحدهما فى غاية الارتفاع والآخر فى غاية الانحطاط معنى إلخ، فشبه التضاد هو الكونية المذكورة.
(قوله: وليسا إلخ) يعنى أن السماء والأرض لما لم يتعاقبا على موضوع أصلا لم يكونا متضادين فهما خارجان من تعريف التضاد بقوله: يتعاقبان على محل واحد. قال سم: وكأن وجه ذلك أن بينهما بعدا كثيرا كما بين المتضادين
(قوله: دون الأعراض) ظاهر هذا الكلام يدل أن التوارد على المحل إنما هو فى الأعراض- وفيه نظر لما عرفت أن المحل أعم من الموضوع والمختص بالأعراض هو الثانى لا الأول
(قوله: ولا من قبيل إلخ) إشارة إلى سؤال نشأ مما سبق وجوابه، أما السؤال فهو أن يقال: جعل الأبيض والأسود من قبيل المتضادين باعتبار اشتمالهما على الوصفين المتضادين- فلم لم يجعل السماء والأرض من هذا القبيل بهذا الاعتبار؟ وحاصل الجواب أنهما لم يجعلا من قبيل الأسود والأبيض؛ لأن الوصفين المتضادين فى الأبيض والأسود جزءان من مفهوميهما؛ لأن الأسود شىء ثبت له السواد والأبيض شىء ثبت له البياض بخلاف السماء والأرض، فإن الوصفين المتضادين فيهما وهما الارتفاع والانحطاط لازمان لهما وليسا داخلين فى مفهوميهما، فإن السماء جرم مخصوص تنوسى فيه معنى السمو والأرض