أعنى: قبول النفس لذلك، والإذعان له؛ على ما هو تفسير التصديق فى المنطق عند المحققين، مع الإقرار به باللسان. والكفر عدم الإيمان عما من شأنه الإيمان، وقد يقال:
الكفر إنكار شىء من ذلك؛ فيكون وجوديا؛ ...
===
عليه وسلم- فى كل ما علم مجيئه به بالضرورة كالوحدانية والبعث والرسالة، والكفر على هذا القول: هو الجحد لشىء من ذلك كما سيأتى، والجحد أمر موجود كالتصديق فكان المناسب جعل ذلك من شبه التضاد.
(قوله: أعنى) أى: بالتصديق
(قوله: والإذعان له) أى: الانقياد له وهو تفسير لما قبله، والإذعان والانقياد يرجع لكلام نفسانى وهو قول النفس آمنت وصدقت
(قوله: عند المحققين) كالقطب الشيرازى، وظاهر الشارح أن التصديق عند المحققين من المناطقة هو الإذعان بوقوع النسبة أولا وقوعها- وليس كذلك- لاتفاق المناطقة على أن التصديق قسم من أقسام العلم، والإذعان المذكور ليس علما كما علمت، وإنما التصديق عند المحققين من المناطقة إدراك أن النسبة واقعة، أو ليست بواقعة على وجه الإذعان والقبول، وعند غيرهم وهو المشهور: إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة مطلقا أى: ولو كان ذلك الإدراك ليس على وجه الإذعان، وأما التصديق عند المتكلمين فهو الإذعان لما علم مجىء النبى به وقبول النفس لذلك ومرجعه لكلام نفسى.
(قوله: مع الإقرار به باللسان) أى: ولو مرة فى العمر
(قوله: والكفر عدم الإيمان إلخ) ذكر الشيخ يس عن بعضهم: أنه على هذا القول يقال: الإيمان مخلوق لله تعالى والكفر غير مخلوق؛ لأن الخلق إنما يتعلق بالأمور الموجودة كالإرادة، فيصح أن يقال: الكفر ليس مرادا لله، إذ لو كان مرادا للزم وجود المعدوم وإنه باطل- نعم على القول بأن الكفر وجودى يقال فيه إنه مخلوق، ومراد له سبحانه وتعالى كالإيمان- فتأمل.
(قوله: عما من شأنه الإيمان) خرج به الجمادات والحيوانات العجم، فلا يقال:
إنها كافرة؛ لأنه ليس من شأنها أن تتصف بالإيمان، وهكذا شأن تقابل العدم والملكة لا بد فيه من اعتبار قبول المحل
(قوله: وقد يقال الكفر إنكار شىء من ذلك) أى: مما علم مجىء النبى به بالضرورة، وأورد على هذا القول أنه يقتضى ثبوت الواسطة بين