فإن كل أمر يصدر عنه أمر آخر بالاستقلال أو بواسطة انضمام الغير إليه فهو علة، والآخر معلول (أو الأقل والأكثر) فإن كل عدد يصير عند العد فانيا قبل عدد آخر فهو أقل من الآخر، والآخر أكثر منه.
===
العلة أصل أو موجودة، والمعلوم فرع أو موجود أو بين ما صدق العلة وبين ما صدق المعلول باعتبار مفهوم العلة ومفهوم المعلول كأن يقال: حركة الخاتم موجودة، وحركة الأصبع موجودة أو حركة الأصبع علة، وحركة الخاتم معلولة، أو النار محرقة، والحطب محرق، وبقولنا باعتبار إلخ- اندفع ما يقال: إنه لا تضايف بين حركة الأصبع وحركة الخاتم؛ لأنه يمكن تعقل أحدهما بدون تعقل الآخر مع أن الأول علة، والثانى معلول
(قوله: فإن كل أمر) الفاء واقعة فى جواب شرط مقدر أى: إذا أردت أن تعرف الفرق بين العلة والمعلول، فنقول لك إن كل إلخ، وكذا يقال فيما بعد.
(قوله: بالاستقلال) أشار به إلى العلة التامة، وأشار بقوله: أو بواسطة انضمام الغير إليه إلى العلة الناقصة فالأولى كحركة الأصبع بالنسبة لحركة الخاتم والثانية كالنجار بالنسبة للسرير، فإنه يصدر عنه بواسطة الآلة وكالنار بالنسبة للاحتراق، فإنه يصدر عنها بواسطة اليبوسة وانتفاء البلل، وأراد المصنف بالعلة ما يشمل السبب والمحصل، فالأول كالزوال بالنسبة لصحة صلاة الظهر، فإذا لاحظت الزوال، والطهارة، وستر العورة، وجميع ما تتوقف عليه صحة الصلاة المذكورة كان الجميع علة تامة، وإن لاحظت الزوال وحده أو غيره كذلك كان علة ناقصة، والثانى كالمولى سبحانه وتعالى، فإنه علة فى وجود العالم بمعنى أنه محصل له، لكن بالاختيار عندنا وبدون اختيار عند الحكماء- قرره شيخنا العدوى.
(قوله: أو الأقل والأكثر) أى: وكالتضايف الذى بين مفهومى الأقل والأكثر كأن يقال: هذا العدد الأقل لزيد وذلك العدد الأكثر لصاحبه، أو بين ما صدقيهما باعتبار مفهوميهما؛ لأنه يقال: الأربعة أقل من الخمسة، والخمسة أكثر منها، أو هذه الأربعة لزيد والخمسة لعمرو، وإنما كان الأقل والأكثر من المتضايفين؛ لأن كلا منهما لا يفهم إلا باعتبار الآخر فتصور كل منهما مستلزم لتصور الآخر فمتى حصل أحدهما فى المفكرة حصل الآخر فيها