أو تماثل، فإن العقل بتجريده المثلين عن التشخص فى الخارج يرفع التعدد) بينهما
===
الجملة الثانية نفس الأولى، فكيف يتحقق الاختلاف الموجب لطلب الجامع، قلت: إن الكلام فى مصحح العطف بالواو ولا بد فيه من الاختلاف بوجه ما، ولا يتأتى أن يوجد الاتحاد فى الركنين عند العطف بها، وإلا كانت الثانية تأكيدا، فلا يصح العطف فإن قلت كون المسند إليهما أو المسندين متحدين معنى، بل وكونهما متناسبين بأى جامع عقليا كان أو وهميا أو خياليا إنما يقتضى اجتماع ذينك المتناسبين عند المفكرة؛ لأنهما هما اللذان جمع بينهما الوهم أو العقل أو الخيال، ولا يلزم من ذلك اجتماع مضمون الجملتين الذى هو النسبة الحكمية، والمطلوب اجتماع مضمون الجملتين لا اجتماع المفردات الموجودة فى الجملتين؛ لأن الجملتين هما اللتان وقع فيهما العطف فيطلب الجامع بينهما لا المفردات، إذ لا عطف فيها حتى يطلب الجامع بينها قلت: إذا تحقق الجامع بين المفردات تحقق بين النسبتين ضرورة أن تناسب المفردات يقتضى التناسب بين النسبتين فى الجملتين، وحينئذ فإذا اجتمعت المفردات عند المفكرة اجتمع فيها النسبتان تبعا للمفردات فصح العطف.
(قوله: أو تماثل) أى: أو يكون بينهما تماثل وذلك بأن يتفقا فى الحقيقة ويختلفا فى العوارض، فمثال ما إذا كان بينهما تماثل فى المسند إليه كأن يقال: زيد كاتب وعمرو شاعر، فبين زيد وعمرو تماثل فى الحقيقة الإنسانية، فكأنه قيل: الإنسان كاتب والإنسان شاعر، ومثال التماثل فى المسند نحو: زيد أب لبكر وعمرو أب لخالد فأبوة زيد وأبوة عمرو حقيقتهما واحد وإن اختلفا بالشخص، فإذا جردتا عن الإضافة المشخصة صارتا شيئا واحدا.
(قوله: فإن العقل بتجريده إلخ) هذا بيان لوجه كون التماثل جامعا عقليا وهو فى الحقيقة جواب عما يقال إن المتماثلين قد يكونان جزئيين جسمانيين والعقل لا يدرك الجزئيات الجسمانية؛ لأن العقل مجرد عن المادة أعنى العناصر الأربعة ولواحقها والجزئيات الجسمانية ليست مجردة عنها فلا تناسب العقل المجرد والذى يناسبه إنما هو الكلى والجزئى المجرد، وحيث كان الجزئى الجسمانى لا يدركه العقل فكيف يجمع بينهما