المأخوذة من الحس المشترك والمعانى المدركة بالوهم بعضها مع بعض، ونعنى بالصور: ما يمكن إدراكه بإحدى الحواس الظاهرة، وبالمعانى: ما لا يمكن.
فقال السكاكى: الجامع بين الجملتين إما عقلى؛ وهو أن يكون بين الجملتين اتحاد فى تصور ما؛ مثل الاتحاد ...
===
تفصيل الصور بعضها عن بعض ولو على وجه لا يصح كتفصيل أجزاء الإنسان عنه حتى يكون إنسانا بلا يد ولا رجل ولا رأس، ومثال تفصيل المعانى عن الصور بنفيها عنها نفى الجمود عن الحجر، ونفى المائعية عن الماء، ومن أجل ذلك تخترع أمورا لا حقيقة لها حتى إنها تصور المعنى بصورة الجسم، والجسم بصورة المعنى فإن اخترعت تلك الأمور بواسطة تركيب صور مدركة بالحس المشترك سمى ما اخترعته خياليا:
كاختراعها أعلاما ياقوتية منشورة على رماح زبرجدية، وإن اخترعتها مما ليس مدركا بالحس سمى ما اخترعته وهميا، وذلك كما إذا سمع إنسان قول القائل الغول شىء يهلك فيصوره بصورة مخترعة بخصوصها مركبة من أنياب مخترعة بخصوصها أيضا
(قوله: المأخوذة من الحس) أى: التى تأخذها منه
(قوله: والمعانى المدركة بالوهم) المناسب لما قبله أن يقول: والمعانى التى تأخذها من الوهم
(قوله: ونعنى بالصور) أى: المدركة بالحس المشترك
(قوله: وبالمعانى) أى: المدركة بالوهم، (وقوله: ما لا يمكن) أى: إدراكه أى: ما لا يمكن إدراكه بإحدى الحواس لا يقال: يدخل فى هذا المعانى الكلية المدركة بالعقل؛ لأنا نقول: إن ما واقعة على معان جزئية؛ لأن المعانى المدركة بالوهم التى الكلام فيها لا تكون إلا جزئية
(قوله: فقال) عطف على قوله: سابقا ذكر، وقوله هنا السكاكى: إظهار فى محل إضمار لبعد العهد بكثرة الفصل
(قوله: مثل الاتحاد إلخ) يفهم منه أن الاتحاد فى واحد من المخبر عنه أو به قيد من قيودهما كاف للجمع بين الجملتين وفساده واضح، وهذا حاصل الاعتراض المشار له بقول الشارح: ولما كان إلخ، وسيجيب عنه الشارح بعد بأن كلامه هنا فى بيان الجامع فى الجملة لا فى بيان القدر الكافى بين الجملتين؛ لأنه ذكره فى موضع آخر، وسيأتى البحث عنه.