أو بالعلمية فمثال كون الدال على التخصيص المذكور صورة المنادى قولك: أنا أفعل كذا أيها الرجل، ومثال المعرف بأل قولك: نحن العرب أسخى من بذل، ومثال الإضافة نحو قوله- عليه الصلاة والسّلام- (١): " نحن معاشر الأنبياء لا نورث"، ومثال العلمية كقوله:
بنا تميما يكشف الضّباب
والدلالة على التخصيص المذكور بذى العلمية نادر فى كلامهم، ثم إن الغرض من الاختصاص إما الافتخار كما إذا تضمن التخصيص بذلك الحكم الترفع كما فى قولك: نحن العرب أقرى الناس للضيف، ونحو: علىّ أيها الجواد يعتمد الفقير، أو المسكنة والتواضع كما فى قولك: أنا أيها المسكين أطلب المعروف، ونحو: إنى أيها العبد فقير إلى الله، أو مجرد تأكيد مدلول الضمير كقولك: أنا أيها الرجل أتكلم فيما يتعلق بمصالحى
(قوله: أنا أفعل كذا أيها الرجل) أنا مبتدأ وجملة: أفعل كذا: خبره، وأى: مبنى على الضم فى محل نصب مفعول لمحذوف وجوبا أى: أخص، والرجل بالرفع نعت، باعتبار لفظها، والجملة فى محل نصب على الحال، واعلم أنك إذا قلت: يأيها الرجل كانت بالطلب الإقبال، وأيها: منادى مبنى على الضم فى محل نصب، والرجل: نعت لأى: وفى الحقيقة هو المنادى وأى: وصلة لندائه ومفيدة لتخصيص المنادى بطلب الإقبال الذى استفيد من يا فإذا قلت: أنا أكرم الضيف أيها الرجل كان معناه: أنا أكرم الضيف فى حال كونى مختصا من بين أفراد الرجال بإكرام الضيف، فقولك: أيها الرجل
(١) الحديث متفق عليه بلفظ" لا نورث ما تركناه صدقة" أما بهذا اللفظ، فقد قال الحافظ ابن حجر فى الفتح (١٢/ ٨٠)، : " وقد أنكره جماعة من الأئمة، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ" نحن"، لكن أخرجه النسائى من طريق ابن عيينة عن أبى الزناد بلفظ: " إنا معشر الأنبياء لا نورث .. " الحديث أخرجه عن محمد بن منصور عن ابن عيينة عنه، وهو كذلك فى مسند الحميدى عن ابن عيينة، وهو من أتقن أصحاب ابن عيينة فيه، وأورده الهيثم بن كليب فى مسنده من حديث أبى بكر الصديق باللفظ المذكور، وأخرجه الطبرانى فى الأوسط بنحو اللفظ المذكور، وأخرجه الدارقطنى فى" العلل" من رواية أم هانئ عن فاطمة عن أبى بكر الصديق بلفظ: " إن الأنبياء لا يورثون".