بصنيعه الإتيان بمثالين أحدهما لقصر القلب وهو ما يتنافى فيه الوصفان والآخر لقصر الإفراد وهو ما لا يتنافيان فيه، والتميمية والقيسية إن تنافيا كان القصر للقلب ولا يصلح للإفراد وإن لم يتنافيا كان القصر للإفراد، ولا يصلح للقلب، وقد يجاب بأن التميمية يصح أن يكون المنفى بإثباتها القيسية التى تنافيها وهى الحقيقة فيكون لقصر القلب باعتقاد المخاطب تلك القيسية، ويصح أن يكون المنفى القيسية المجامعة للتميمية وهى القيسية الحلفية أى: المنسوبة للحلف والنصرة فيكون لقصر الإفراد حيث كان المخاطب يعتقد الاتصاف بهما معا، وما تقدم من أنه إذا تعين المنفى كما فى العطف فلا بد من مثالين إنما ذلك حيث لم يكن للوصف جهتان ينافى بإحداهما دون الأخرى كما فى هذا المثال، والحاصل أن قول المصنف تميمى أنا قصر تعيين إذا كان المخاطب يرددك بين قيس وتميم، وقصر قلب إذا كان المخاطب ينفيك عن تميم ويلحقك بقيس أو قصر إفراد إذا كان المخاطب معتقدا أنك تميمى وقيسى من جهتين، وأشار الشارح لإمكان الجواب عن هذا البحث بتعبيره بالأنسب، وأما قول بعضهم فى الجواب إن التميمية قد تؤخذ بالقياس إلى ما ينافيها كالقيسية فهو لقصر القلب، وقد تؤخذ بالقياس إلى ما لا ينافيها كالعالمية فالقصر للإفراد ففيه شىء؛ وذلك لأن التميمية إنما تقابل فى العرف بالقيسية، ولا يحسن فى العرف مقابلتها بغيرها، ثم إن ترديد الشارح بقوله لأن التميمية والقيسية إلخ بقطع النظر عن الواقع وإلا فهما متنافيان قطعا- تأمل كذا ذكر بعضهم وذكر غيره أن قوله إن تنافيا أى: بجعل المعتبر فى النسب طرف الأب فقط كما هو المعروف، وقوله وإلا أى: وإن لم يتنافيا أى: بأن جعل المعتبر فى النسب طرفا الأم.
(قوله: أنا كفيت مهمك) أى: فتقديم أنا عن الفاعلية المعنوية أوجب حصر كفاية المهم فى المتكلم بحيث لا تتعداه إلى غيره، فإن اعتقد المخاطب كفاية المتكلم مع غيره كان، إفرادا، وإن اعتقد كفاية الغير فقط دون المتكلم كان قلبا، ولهذا لم يأت إلا بمثال واحد لقصر الصفة لما تقدم أن المثال الواحد يكفى فى قصرها، وأما قصر التعيين فيصح فى مثالى قصره وقصرها كما تقدم أيضا، لكن إنما يكون تقديم لفظ أنا فى هذا