للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هجومه، وكرر في أكثر من موضع أنهم يزعمون أن: «القرآن بدِّل وغُيِّر، وزيد فيه ونقص منه، وحرِّف عن مواضعه» (١).

وفي عهد القاضي عبد الجبار (ت: ٤١٥) وصلت صلة التمازج، والتقارب السياسي والفكري، بفعل تراكم المؤثرات المتبادلة بين الاعتزال والتشيع بفرعيه: الزيدي، والاثنى عشري، إلى أقصى تطور لها؛ لكن هذا التواصل لم يحل بين القاضي وبين نقد الموقف الشيعي من القرآن.

وحينما عدَّد مخالفي المعتزلة في القرآن، جعل من بينهم الإمامية الروافض، الذين جوَّزوا وقوع الزيادة والنقصان، وزعموا أنه كان على عهد رسول الله أضعاف ما هو موجود بيننا، وقد ألزمهم القاضي متابعةً للجاحظ بصحة المصحف العثماني استنادًا إلى إقرار علي به، وعدم إنكاره عليه (٢)، كما وافق شيخه أبا علي الجبائي في استبعاد أن يكون قائل تلك المقالة مسلمًا؛ لأن الخطأ في الاجتهاد لا يصل بحال إلى هذه الهوة السحيقة من الطعن في القرآن، ونسبة التحريف إليه، فلا بد أن يكون مبتكرها ممن أكل الحقد على الإسلام قلبه فأنشأ هذا المذهب للطعن فيه تحت شعار التشيع، وحب أهل البيت (٣).

وأئمة الأشاعرة بدورهم ينسبون القول بالتحريف إلى الرافضة، وإن اختلفوا في انطباق ذلك على المذهب كافة، أو على بعض أفراده فحسب (٤).

وسنحاول فيما بقي من هذه المقدمة، تلخيص أوجه التسليم بعدم تحريف النص القرآني، ومبررات الإيمان بسلامته.


(١) الانتصار: (٤٧، ٤٨، ٥٨، ١١٤)، وغيرها.
(٢) تثبيت دلائل النبوة: (١/ ٤٥، ٦٤، ١٢١).
(٣) المغني: (١٦/ ١٦٢)، وانظر: (١٦/ ١٦٢) (١٦/ ١٥٣) (٢٠/ ٣٨) وشرح الأصول الخمسة: (٦٠١، ٦٠٢)، وتثبيت دلائل النبوة: (١/ ٤٥، ٤٦، ١٣١).
(٤) مقالات الإسلاميين: (١/ ١١٩)، ونكت الانتصار: (٤٢٦).

<<  <   >  >>