للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُحصى، ومع ما وصَفناه مِنْ أنَّه غيرُ معقولٍ في كلامِ العربِ أنَّ اثنَيْن يؤَدِّيان عن الجَميعِ = ما يُنبئُ عن خطأِ قَولِ مَنْ قالَ: معنى اليَدِ في هذا المَوضِعِ النِّعمةُ. وصِحَّةِ قَولِ مَنْ قالَ: إنَّ يَدَ الله هي له صِفةٌ. قالوا: وبذلك تظاهرَت الأخبارُ عن رسولِ الله ، وقالَ به العلماءُ وأهلُ التّأويلِ» (١)، وفي ذلك أيضاً ترجيحٌ بكثرةِ الأخبارِ، وقَولِ العلماءِ وأهلِ التّأويلِ به. وكذا تَرجيحَه باعتضادِ الخبرِ بدليلِ القرآنِ، كما في قَولِه: «وقد رُويَ عن رسولِ الله بنحوِ الذي قُلنا مِنْ ذلك أخبارٌ، وإن كانَ في أسانيدِها نظرٌ، مع دليلِ الكتابِ على صِحَّتِه، على النَّحوِ الذي بيَّنتُ» (٢).

وأشارَ إلى التَّرجيحِ بكثرةِ الأدلَّةِ وإمامةِ القائلين في التَّفسيرِ واشتهارِهم بالتَّأويلِ في قولِه تعالى ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ [آل عمران: ٨٦]، حيث وازنَ بين القَولِ بنزولِها في أحدِ الأنصارِ وقد أسلمَ ثُمَّ ارتدَّ ثُمَّ أرادَ الإسلامَ. وبين قَولِ مَنْ قالَ: هي في أهلِ الكتابِ. وقالَ: «وأشبَه القَولَيْن بظاهرِ التَّنزيلِ ما قالَ الحسنُ، مِنْ أنَّ هذه الآيةَ مَعنيٌّ بها أهلَ الكتابِ، على ما قالَ، غيرَ أنَّ الأخبارَ بالقَولِ الآخرِ أكثرُ، والقائلين به أعلَمُ بتأويلِ القرآنِ» (٣)، ومِثلَه قَولُه في قولِه تعالى ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾ [الأحقاف: ١٠]: «والصَّوابُ مِنْ القَولِ في ذلك عندنا أنَّ الذي قالَه مسروقُ في تأويلِ ذلك أشبَه بظاهرِ التَّنزيلِ، لأنَّ قولَه ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾ [الأحقاف: ١٠] في سياقِ توبيخِ الله تعالى ذِكرُه مُشركِي


(١) جامع البيان ٨/ ٥٥٧.
(٢) جامع البيان ١٩/ ٣٧٥.
(٣) جامع البيان ٥/ ٥٦١.

<<  <   >  >>