قال القاضي: انظر في هذا الجواب العقلة بشاهد واحد عدل، وقد ذكرنا التنازع فيه في أول الكتاب ببيان مقنع إن شاء الله، وفي الحكاية هنا عن شهادات الشهود تخليط، وكذلك قولهم في الجواب ما ثبت عندك منها بشاهد عدل وجب عقله بعد الإعذار إلى محمد؛ لأن الأعذار إنما يكون بعد العقلة ولأن ما شهد به واحد لا يقال فيه ثبتن إنما يثبت إذا انضافت إليه يمين الطالب أو شاهد آخر، وبالله التوفيق.
ملك بين منع بعضهم أكثره فلم يوجد من يحوزه، فشهد أنهم لا يعرفون لهم دخوًا في القرية إلا بسبب مورثهم، وفي المسألة التي فوق هذا من هذا المعني.
أعلمنا – وفقك الله – أن امرأة قامت عندك فزعمت أن زوجها توفي عن مال بقرية فلانة، وأن لها منه ابنًا وابنة، وأن الذي لزوجها بالقرية هذه أطل عليه من زعم أنه ناظر المال ينظر عليه، وقد بقيت بزعمها هي وابناها، فبقي لابد من نظر قاضي، وأثبتت عندك موت زوجها وعدة ورثته.
وقلت: إن هذا المال كان مجملاً كما توفي عنه سماك وهو كثير وافر، وحيازته صعبة على إلا أني أثبت بالبينة أن أبا زوجي هلك عن مالك كثير بهذه القرية، وأن ابنية – أبا شيبة وزوجي – أحاطا بوراثته مع أمهما، وأن ابنيه لا يعلم لهما مال بهذه القرية إلا ما ورثاه عن أبيهما سماك، ودعت إلى كشفنا عما يجب لها مع ثبوت دعواها هذه إن ثبتت لها.
فالذي نقول به: إن المنزل إذا عرف للأب، وإنما كان يغشاه الولد بسبب الأب، فهو على الملك الأول حتى يثبت به يبين به كل واحد منهما بنصيبه منه، فإن زعم أحد الفريقين أن له مالاً أحقته البينة ويجب حينئذ إن شاء الله أن يقال لهذا المدعي الإصلاح على الأيتام أن ادعى ذلك؟ لسنا نسألك إلا عن إصلاح من غيره، ولكن ما تقول في المال أجمع هو بينك وبين أخيك؟ فإن قال: نعم، فقد أنصف، وصدق ما قال أنه من أهل الإصلاح عليهم.
وإن أدخل حجة وانتقل إلى ادعاء ماله فأمض العقل عليه في الجميع إن حيز أو فيما حيز من ذلك، وامنعه العمل فيما لم يحز حتى يثبت له ما ادعاه، إلا أن يقول إنه يعلمه لغيره على معاملة، فيكشف عن ذلك، وأنت في كشف هذا ومثله عن الصغير ومن لا ناظر له في ثواب وأجر جزيل. قاله ابن غالب.