للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ميت أو منقطع الخبر لا يعلم له مستقر؟ ثم تعاون المشورة في ذلك.

فاستعاد ابن بقي البنية، وشهدوا عنده أن الابن غاب غيبة متصلة منذ عشرين عامًا أو نحوها، وأنه بلغهم أنه قد استوطن بالعدوة ونكح بها، وجاوب فيها بما تقدم.

وكان غيره قد أفتى فيها قبل استعادة البينة: يجب أن يحلف الأب ما له مال بعلمه، وإنه فقير عديم، وتشاد الداران جميعها للبيع؛ إذ مذهب الشريك الحاضر بيع نصيبه، فإذا انتهت ثمنًا لا مزيد فيه، وثبت عندك أن البيع به سداد؛ وكلت من يبيع على الغائب، ويقبض حصته من الثمن، وينفق منه على الأب وزوجه على قدر حالههما وحال الوقت، سداد من الفعل، وقيدت ذلك كله من نظرك، وأرجأت الحجة فيه للغائب، وقال بعضهم: ويمين الأب في هذا مختلف.

قال القاضي:

الذي أفتى في هذا باليمين قبلهم هو محمد بن لبابة، ذكره ابن العطار، لاستيراء الحاكم فيه، قال: وكانت الفتيا عندنا بعده بسقوط اليمين عنه؛ إذ لا يحلف والد لولده على ما في المدونة. وقد تقدم هذا.

ثم تكلمت مع ابن عتاب في هذا؛ إذ أعدت إليه المسألة بعد تبيين الشهود مدة المغيب، فقال لي: هذه الأجوبة كلها خطأ، ولا نفقة لأب إلا بعد ثبوت حياة الابن وتيقن ذلك؛ إذ قد يكون مدياناً أو ميتًا. قال: ولا حجة فيما في طلاق السنة من إيجابه الإنفاق من مال من فقد عن زوجة وبنيه؛ لأن نفقة هؤلاء قد كانت لزمت المفقود إذ كان حاضرًا؛ فلا ترفع عنه إلا بصحة ما يوجب رفعها، وكذلك لا تلحق الابن الغائب المذكور إلا بعد صحة حياته.

قال لنا: ولو باع الحاكم نصيب هذا الابن قبل صحة حياته وتيقنها وأنفق على الأب ثمن ذلك؛ للزمه غرمه؛ لأنه من الخطأ الذي لا يعذر فيه ويرجع به عليه، ولكني أرى إن كان اكترى نصيب الابن في مدة أو سكن، أن يقبض ذلك الكراء ويعطي للأب يرتفق به استحسانًا، وكذلك يكري ذلك النصيب فيما يأتي ويعطاه للأب على سبيل السل، ويحصن ذلك كله بالتسجيل به والإشهاد عليه، ولا يباع حظ الغائب من الدار، وإن دعي شريكه إلى ذلك، ويقسم ويوقف نصيب الغائب إن شاء الله عز وجل.

<<  <   >  >>