للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووكلت عائشة عن نفسها وعن صغار بنيها ابنها حزب الله، ووكله أيضًا كبار إخوته على طلب حقوقهم كلها والمخاصمة عنهم فيها والإقرار والإنكار، توكيلاً (أ-٥٧) تامًا مفوضًا، فقام حزب الله على عمه عبد الرحمن الناظر مع أبيه عبد الملك لعمته فاطمة، وطلبه بإنفاق أبيه من ماله على فاطمة هذه المدة المذكورة على سبيل السلف في مطعمها ومشربها وكسوتها للباسها ورقادها.

وأثبت عند الوزير صاحب الأحكام ابن حريش موت أبيه وعدة ورثته، وتوكيل إخوته الكبار له وسكنى عمته فاطمة مع أبيه عبد الملك في دار واحدة المدة المذكورة، وأنه أشهد مرارا على نفسه في خلال تلك المدة أنه إنما ينفق من ماله عليها ليرجع به في مالها إذا بيع أصل من أصولها، وأن فاطمة أقرت بذلك أيضًا على نفسها بعد وفاته وأنه اق له عليها لم يتأد إليه عنها.

وأثبت عنده ملكها للدار التي بداخل مدينة قرطبة بحومة مسجد البلنسي برحية أبان، وأن لها أيضًا ثلث دار بهذه الحومة وباقيها لأخيها عبد الرحمن، وسكنى عبد الرحمن لهاتين الدارين المدة المذكورة، وحيزت الداران وثبتت حيازتهما عند صاحب الأحكام.

وحضر مجلس نصره عبد الرحمن، واعذر إليه في جميع ما ثبت عنده ما تقدم ذكره، فقال: إنه لا مدفع عنده في ذلك، إلا أن أخاه عبد الملك المتوفى إنما أنفق على أختهما فاطمة من مائتي مثقال أثنتين ذهبًا قرطبية نصفية كان أبوهم خيرة وهبهما لها وأعطاها عبد الملك ليجهزها منها وينفق عليها بعضها، إلا أنه لا بينة له على هذا.

وثبت ذلك من قوله عند صاحب الأحكام، وشاور في ذلك كله أهل العلم ابن عتاب وغيره، فقالوا: الكراء لازم لعبد الرحمن في سكناه دار فاطمة المدة المذكورة، وفي سكناه أيضًا حظها من الدار الثانية على ما يقومه أهل البصر في تلك الأعوام، وإن إعداء ورثة عبد الملك بما أنفقه أبوهم على فاطمة في هذا الكراء وفي ثمن ما ثبت لها من الأصول بها واجب بعد يمين من يملك نفسه منهم: أنه ما يعلم موروثة عبد الملك قبض من ذلك شيئًا ولا وهب منه قليلًا ولا كثيرًا، وأنه لباق عليها إلى حين يمينه هذه، ولا نعلم ما ادعاه عبد الرحمن من المائتين مثال التي زعم أن أباها وهبها لا.

وأخذ بذلك من قولهم، ووجه من وثق بدينه ومعرفته إلى تقويم كراء الدارين، وقومت كل واحدة نهما عامًا بعامًا؛ فتحمل في ذلك مائة مثال وأربعة وأربعون مثقالا

<<  <   >  >>