وجرت هذه المسألة في رسم العرية من سماع عيسى من رواية أصبغ عن ابن القاسم فيمن قال في جارية في بديه: اشتريتها. وقال ربها: بل زوجتهكا. أنهما يتحالفان ويتفاسخان، ولا تكون زوجة ولا أم ولد وترجع الأمة إلى سيدها؛ لأن المشتري يقر بأنها ليست له بزوجة فهو كالمطلق ويدعي أنها أمته ولا بينة فلا يصدق، وترجع الأمة إلى ربها.
قال القاضي: قوله فهو كالمطلق ليس على اصوله وليس إنكاره لها طلاقًا قال القاضي: وأنا أقول: أنه لا اعتراض على ابن القاسم في ذلك؛ لأنه لم يقل: إنكاره طلاق، وإنما أراد بقوله: فهو كالمطلق. أنه قد أقر أنها لا تحل له بزوجية؛ لأنها ليست زوجته وأنها إنما تحل له بالملك لأنها أمته، وهو لا يصدق في ذلك.
ومسألة ابن لبابة أيضًا تدل على ذلك لقوله: لا ينتفع بالإقرار بالزوجية بعد إنكاره إلا أن يقيم شاهدين على أصل النكاح؛ لأنه لو كان الإنكار طلاقًا عنده لم يبحها له إلا بالارتجاع لا بثبوت أصل النكاح.
وموضع انتظر في جوابه في إحلافه إياه، وهو لا يخلو تحليفه إياه من أن يكون حينئذ نكاحهما عنده ثابتًا معلومًا أو غير ثابت. فإن كان غير ثابت فلم أحلفه، ولا يمين في دعوى النكاح إلا بعد شاهد عدل على تنازع فيه، وإن كان نكاحهما ثابتًا معلومًا فلم أوجب عليه شاهدين على أصل النكاح إذا رجع إلى الإقرار به، والذي رجع إليه ثابت معلوم ثابت.
وأما قطع الصداق فروي ابن حبيب عن مطرف فيمن مات فقامت امرأته بكتاب مهرها فأخذت به باقيه فأراد الورثة قطعه، أن لهم ذلك، وإن قالت به أدافع بعد اليوم من دافعني عما أخذه. وقال الأصبغ: لا يؤخذ منها ولا يقطع فيه ثبت نكاحها وتأخذ ميراثها وتدفع بعد اليوم من دافعها عما ورثت، ولو قامت بباقي المهر في كتاب في غير كتاب نكاحها فأخذت به بقيتها أخذ منها وقطع عن الورثة، وإن أخذت به أرضًا أو عقارًا من عقاره لم يؤخذ ذلك منها؛ لأن به تدفع بعد اليوم من دافعها عن ذلك وما يشبهه مما تلتبس التوثق به، وعلى الورثة أن يستوثقوا لأنفسهم بالإشهاد ويذكر الكتاب الذي بيدها ابن حبيب، وبه أقول وهو أحب ما فيه إلي.
وقال محمد بن عبدالحكم: من قضى دينًا عليه بصك، وأراد أخذ ذلك، وأبى الطالب لم يجبر على إعطائه وجبر على أن يكتب له براءة كتابًا في الموضع الذي فيه