قال القاضي: سألت الشيخ أبا عبدالله بن عتاب عن الهدية التي يرسل بها الأزواج إلى الزوجات قبل البناء كالخفين والجوربين ونحوهما هل يقضي على الزوج بها إن امتنع منها وطلب بها؟
فقال لي: يقضي عليه بها على قدره وقدرها وقدر صداقها وليس عليها أن تثيبه إلا أن تشاء، فإن أبت أو أبى أبوها إن كانت بكرًا لم يقض عليها بذلك.
قلت: فهل يقضي عليه بالعرس والأجرة المتعارفة عندهم؟
فقال لي: لا يقضي عليه بذلك إن امتنع ويؤمر به ولا يجبر.
والصواب عندي أن يقضي عليه بالوليمة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم:"أولم ولو بشاة"(١) مع العمل به عند الخاصة والعامة، بخلاف ما تعطي الماشطة على الجلوة لا يقضي به عندي إن امتنع منه ولا بأجرة ضاربة دف ولا كبر.
وفي سماع ابن القاسم: سئل مالك عن الناكح يلزمه أهل المرأة هدية العرس، وجل الناس يعمل به عندنا حتى إنه لتكون فيه الخصومة، أترى أن يقضي به؟ قال: إذا كان ذلك قد عرف من شأنهم وهو عملهم، لم أر أن يطرح ذلك عنهم إلا أن يتقدم فيه السلطان لأني أراه أمرًا قد جروا عليه.
وفي كتاب عيسى قال ابن القاسم: قد قال مالك قبل ذلك: لا أرى أن يقضي به وهو أحب إلي كان مما جروا عليه أو لم يكن، وفي سماع عيسى في رسم لم يدرك قال ابن القاسم: سألنا مالكًا عمن تزوج امرأة فأصدقها صداقًا فنطب منه نفقة العرس هل ذلك عليه؟ قال: ما أرى ذلك عليه، وما هو بصداق، ولا شيء ثابت، ولا هو لها إن مات، ولا نصفه إن طلق فردد عليه.
وقيل له: يا أبا عبدالله، إنه شيء قد أجروه بينهم وهي سنتهم، فقال: إن كان ذلك شأنه فأرى أن يفرض عليهم، قال ابن القاسم: وإن تشاحوا لم يكن ذلك لهم إلا أن يشاءوا.
وفي سماع أصبغ: أن أهدى لها هدية ثم طلقها قبل الدخول فلا شيء له في الهدية،