للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الواضحة قال ابن حبيب:

السنة أن الوصي يقوم مقام الأب في تزويجه الصغير من بينه، ولا يقوم مقامه في تزويجه الصغيرة من بناته قبل بلوغها، ولا بعد بلوغها دون مؤامرتها وأخذ رضاها بذلك؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "اليتيمة تستأمر في نفسها" (١) إلى أن الوصي ينزل فيها منزلته في أنه أولى بعقد نكاحها من الإخوة والأعمام والعصبة والسلطان بكرًا كانت أو ثيبًا، وهو أولى بإنكاح موليات الموصي من ولده وجميع أوليائه، وكذلك كل من كانت ولاية تزويجه إلى الموصي من البنات والأخوات وذوات القرابات أبكارًا كن أوثيبًا؛ فقد نزل الوصي في ذلك منزلته.

وهكذا أوضح لي في ذلك كله مطرف وابن الماجشون وابن عبدالحكم وأصبغ بن الفرج، وهو قول مالك وأصحابه المدنيين والمصريين لم يختلفوا فيه، وحكي مثله عن ربيعة وابن هرمز ويحيى بن سعيد وشريح: أن الوصي أولى من الولي قال: وقال مالك: ليس للولي قاضاء مع الوصي، وفي المدونة قال ابن القاسم: قال مالك: لا إنكاح للأولياء مع الوصي ووصى الوصي أولى من الأولياء، وإن رضيت الجارية والأولياء وأنكر الوصي فلا نكاح لهم إلا به، فإن اختلفوا نظر السلطان فيما بينهم (٢).

قال ابن حبيب: وجائز تزويج الوصي الصغير، كما يجوز له البيع عليه والاشتراء له، وجوز ذلك أهل العلم للسلطان وخليفته عليه أن يزوجه أيضًا في صغره إذا لم يكن له وصي، وأنزلوا السطلان وخليفته في الصغيرة منزلة الوصي في أنه أحق بتزويجها من أخيها وعمها وأوليائها كما يكون الوصي أحق بذلك منهم.

هذه النصوص في الأمهات وعليها المعول وإليها المفزع عند التنازع فيها لم يوجد نص في الكتاب والسنة.

وأما تنفيذ المتأخرين فالحجة في الأمهات أقوى، وعلى ما فيها لا يحتاج إلى الإعذار


(١) الحديث أخرجه الترمذي ج٣، ص٤١٧ برقم ١١٠٩، والدارقطني في سننه ج٣، ص٢٣٩، وابن أبي شيبة في مصصنفه ج٣، ص٤٦٠، والطحاوي في شرح معاني الآثار ج٤ ص٣٦٤، وابن الجعد في مسنده ج١، ص١١٠ برقم ٦٤٩. وانظر التلخيص الحبير ج٢، ص١٨٩.
(٢) انظر المدونة ج٤، ص١٦٦ - ١٦٧.

<<  <   >  >>