ومضوا وظنوا أني في الهودج لم أنزل، قالت عائشة: فرجعت ولم أر أحداً، قالت: فاتبعتهم حتى أعييت، فقلت في نفسي: إن القوم سيفقدوني ويرجعون في طلبي، قالت: فقمت على بعض الطريق، فمر بي صفوان بن المعطل السلمي، وكان رفيق رسول الله ﷺ، وكان سأل النبي ﷺ أن يجعله على الساقة فجعله، فكان إذا رحل الناس أقام يصلي ثم اتبعهم، فما سقط منهم من شيء حمله؛ حتى يأتي به أصحابه، قالت عائشة: فلما مر بي؛ ظن أني رجل فقال: يا نومان! قم؛ فإن الناس قد مضوا، قالت: فقلت: إني لست رجلاً، أنا عائشة! فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أناخ بعيره، فعقل يديه ثم ولى عني، فقال: يا أمة! قومي فاركبّي، فإذا ركبت؛ فائذنيني، قالت: فركبت، فجاء حتى حل العقال، ثم بعث جمله فأخذ بخطام الجمل، فقال ابن عمر: فما كلمها كلاماً حتى أتى بها رسول الله، فقال عبد الله بن أبي بن سلول -المنافق-: فَجَرَ بها ورب الكعبة، وأعانه على ذلك حسان بن ثابت الأنصاري ومسطح بن أثاثة وحمنة، وشاع ذلك في العسكر، وبلغ ذلك النبي ﷺ، وكان في قلب النبي ﷺ مما قالوا، حتى رجعوا إلى المدينة، وأشاع عبد الله بن أبي بن سلول هذا الحديث في المدينة، واشتد ذلك على رسول الله ﷺ، قالت عائشة: فدخلت ذات يوم أم مسطح، فرأتني وأنا أريد المذهب، فحملت معي السطل وفيه ماء، فوقع السطل منها، فقالت: تعس مسطح، قالت لها عائشة: سبحان الله! تتعسين رجلاً من أهل بدر وهو ابنك، قالت لها أم مسطح: إنه سال بك السيل وأنت لا تدرين، وأخبرتها الخبر، قالت: فلما أخبرتني؛ أخذتني الحمى، وتقلص ما كان بي ولم أبعد المذهب، قالت عائشة: وقد كنت أرى من النبي ﷺ قبل ذلك جفوة، ولم أدر من أي شيء هي؟ فلما حدثتني أم مسطح؛ علمت أن جفوة رسول الله ﷺ كانت لما أخبرتني أم مسطح، قالت عائشة: فقلت للنبي ﷺ: يا رسول الله! أتأذن لي أن أذهب إلى أهلي؟ قال:"اذْهَبي"، فخرجت عائشة