للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قالت:] فقام رسول الله [على المنبر] فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول، [قالت]: فقال رسول الله وهو على المنبر: "يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟ فوالله؛ ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي"، فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: يا رسول الله! أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس؛ ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج؛ أمرتنا ففعلنا أمرك.

قالت: فقام سعد بن عبادة -وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحمية- فقال لسعد [بن معاذ]: كذبت لعمر الله! لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير -وهو ابن عم سعد بن معاذ- فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله! لنقتلنه؛ فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتساور الحيان الأوس والخزرج؛ حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكت.

قالت: فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت: فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوماً لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع، يظنان أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي؛ فاستأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله ، فسلم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني، قالت: فتشهد رسول الله حين جلس، ثم قال: "أما بعد؛ يا عائشة! فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا" فإن كنت بريئة؛ فسيبرؤك الله، وإن كنت ألممت بذنب؛ فاستغفري الله وتوبي إليه؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله؛ تاب الله عليه"، قالت: فلما قضى

<<  <  ج: ص:  >  >>