كتابه الذي ينقل الرافعي والأصحاب عنه وهو "زيادات المفتاح" الملقب بالتهذيب فقال بعد كتاب الطهارة بنحو ورقة ما نصه: ولو كان مع المسافر ماءان طاهر ونجس توضأ بالطاهر، وحبس النجس للعطش هذا لفظه بحروفه، ومقتضاه أن العطش ليس حاصلًا الآن، وإنما هو متوقع ولهذا قال: وحبس النجس ودعوى الرافعي في الشرب حال الوضوء وبينهما فرق ظاهر إذا لا يلزم من إيجاب الوضوء بالطاهر إذا لم يكن به عطش إيجابه عند العطش.
وقد ذكر الشافعي في "الأم" نحو ما قاله الزجاجي فقال: إذا كان مع الرجل في السفر إناءان أحدهما طاهر والآخر نجس واشتبها عليه وكان يخاف العطش فيما بعد إن توضأ بالماء فإنه يتحرى ويتوضأ بالطاهر في ظنه ويمسك الآخر حتى إن احتاج إليه لعطشه شربه هكذا حكاه عنه صاحب "البيان" في باب الشك في نجاسة الماء وهو يؤيد الفرق أيضًا.
الأمر الثاني: أن ما نقله الرافعي واقتصر عليه من كونه يشرب النجس هو المفتى به لأمرين:
أحدهما: أن الشافعي قد نص عليه في حرملة كذا رأيته في الرونق لأبي حامد وفي "اللباب" للمحاملي وفي تصنيف آخر يسمى بهذا الاسم أيضًا للإمام أبي حفص عمر بن عبد الله بن طاهر البستي جميعهم في أواخر الكتاب في كتاب الأشربة فقالوا: وقال في حرملة: إذا وجد ماءًا طاهرًا ونجسًا واحتاج إلى الطهارة توضأ بالطاهر ويشرب النجس انتهى.
الثاني: أن كلامه في "التحقيق" يدل على أنه المشهور فإنه قال: المختار أنه يشرب الطاهر وقد اصطلح في خطبته وخطبة التصحيح على أن المختار يحكم بكونه راجحًا في الدليل ويكون المشهور بخلافه.
[الأمر الثالث](١): أنه لا يجوز له شرب النجس بين الوضوء والصلاة