أحدهما: في باب محرمات الإحرام في أوائل النوع السابع فقال: ومن الحيوان ما لا يظهر فيه نفع ولا ضرر كالخنافس والجعلان والسرطان والرخمة والكلب الذي ليس بعقور فيكره قتلها هذا كلامه ولا يمكن حمل الكراهة هنا على التحريم؛ لأن غير الكلب مما ذكره لا يحرم قطعًا.
والموضع الثاني في كتاب الغصب فإنه نقل عن الإمام هناك أنه غير محترم وأقر ذكر ذلك في الكلام على ما إذا غضب خيطًا وخاط به جرح حيوان وجزم به في "الشرح الصغير" هناك أيضًا ولم يعزه إلى الإمام وجزم أيضًا بجواز قتلها في "شرح مسند الشافعي"، وقد سلم "الشرح الصغير" من الاختلاف فإنه أجاب بالجواز في الحج والغصب ولم يتعرض له في غيرهما.
واعلم أن النووي -رحمه الله- قد اختلف أيضًا كلامه في هذه المسألة فإنه تابع الرافعي على هذه المواضع الواقعة في "الشرح الكبير" وزاد في الحج فقال قوله: إن الكلب الذي ليس بعقور يكره قتله مراده كراهة تنزيه وفي كلام غيره ما يقتضي التحريم، ونقل في "شرح مسلم" عن الأصحاب أنه لا يجوز قتله ولم يحك فيه خلافًا. ذكر ذلك في باب حكم الولوغ، وقد اختلف أيضًا كلامه في "شرح المهذب" فجزم المهذب في التيمم بأنه غير محترم وحكى في الحج وجهين أو صحح أنه محترم وجزم به في باب ما يجوز بيعه وادعى أنه لا خلاف فيه فإنه قال ما نصه: قال أصحابنا: وإن لم يكن الكلب عقورًا ولا كلبًا لم يجز قتله سواء كان فيه منفعة أم لا وسواء أكان أسود أم لا وهذا كله لا خلاف فيه بين أصحابنا هذا لفظه بحروفه وهو تناقض عجيب، حيث يقول: لا خلاف فيه ثم يصح عكسه وقد جزم بالتحريم القاضي الحسين والماوردي وإمام الحرمين في باب بيع الكلاب، ويتحرر من ذلك أن الإمام أيضًا قد اختلف كلامه، وبالجملة فمذهب الشافعي جواز قتله