أحدها: أن الوجه الأول قال به الدارمي وصححه الفوراني في "الإبانة" ونقله الإمام عن الأكثرين، فقلده فيه الرافعي، ومشى عليه النووي والأكثرين على تصحيح الثاني فقد قال به مع من تقدم أيضًا الشيخ أبو حامد كما نقله عنه النووي في "شرح المهذب" والبندنيجي والمحاملي نقلًا عن أبي إسحاق ساكتين عليه، وسليم في "المجرد" والقاضي أبو الطيب والماوردي والفوراني في "العمد" وابن الصباغ والجرجاني في "الشافي" وصوبه الروياني في "البحر" وقال: إن الوجهين في الآخيرين ضعيفان، وجزم به الشيخ نصر المقدسي في كتابه المسمى "بالمقصود" والطبري صاحب "العدة" وهو أبو عبد الله الحسين أبو المكارم وسكت عن الترجيح جماعة منهم صاحب التهذيب و"التتمة" و"البيان" وغيرهم ولم يختر الإمام ما نقله عن الأكثرين بل قال الأقرب عندي أن يقال: تغيير الزمان والمكان من غير انتهاء الأمر إلى حالة سد الرمق.
الأمر الثاني: أن الغزالي في "البسيط" قد جعل اعتبار الأجرة مفرعًا على أن الماء لا يملك على خلاف ما في "الوسيط".
الأمر الثالث: أن الرافعي قد فرع على الوجه الأخير مسألة حسنة توقف فيها وحذفها النووي فقال وعلى هذا فالأجرة تختلف باختلاف المسافة طولًا وقصرًا فيجوز أن تعبير الوسيط المقتصد ويجوز أن تعبير الحد الذي يسعى إليه المسافر عند تيقن الماء [فإن ذلك الحد لو لم يقدر على المسعى إليه بنفسه واحتاج إلى بذل إلى الأجرة الماء](١) إليه لزمه بذلها إذا كان واجدًا لها.
قوله في "الروضة": ولو منع منه آلات الاستقاء أو أجرت بثمن المثل وأجرته وجب القبول فإن زادت لم تجب كذا قاله الأصحاب، ولو قيل: يجب التحصيل ما لم تجاوز الزيادة ثمن مثل الماء لكان حسنًا. انتهى.