إذا تقرر هذا فقد عبر عنه في "الروضة" بقوله: وإذا لم يكن الصيد مثليا فالمعتبر قيمته محل الإتلاف وإلا فقيمته بمكة يومئذ.
هذه عبارته. فقوله:(وإلا) أي: وإن كان مثليًا كما علم من كلام الرافعي وإن كان يوهم أن المراد أنه إذا تعذر التقويم لمحل الإتلاف فكان الصواب هو التعبير بعبارة الرافعي.
وإذا علمت ذلك علمت أن مدلول لفظ "الروضة" أن المعتبر في المثل قيمته بمكة يوم الإتلاف، وهو خطأ مخالف لكلام الأصحاب في اعتبار يوم التقويم ولكلام الرافعي وللذي صححه هو ما تقدم إيضاحه. وقد غلط أيضًا في "شرح المهذب" فإنه فرض الكلام في مكان القيمة ولم يستوفيه ثم انتقل منه إلى الكلام في زمانها.
الأمر الثاني: أن الرافعي قد ترك التصريح بزمان القيمة فيما لا مثل له، والمذهب المنصوص أنه يوم الإتلاف على خلاف ما سبق في المثلى.
ولا شك أن في كل من الأمرين نصين وتخريجين؛ فالرافعي استوفاه في المكان ولا يظهر منه حكم الزمان، والنووي عكسه.
قوله: وحيث اعتبرنا قيمة مكان الإتلاف فقد ذكر الإمام احتمالين في أن المعتبر في الصرف إلى الطعام سعر الطعام في ذلك المكان أيضًا أو سعر الطعام بمكة، والظاهر منهما الثاني. انتهى.
وذكر في "الروضة" مثله أيضًا، وكلامهما يشعر بأنهما لم يقفا في المسألة على نقل، وقد صرح بها الفوراني في "العمد" وجزم بالاحتمال الذي رجحه الرافعي، وكذلك الروياني في "البحر" في أول باب جزاء الصيد.
قوله: وقد حكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الضبع بكبش (١). انتهى.
(١) أخرجه أبو داود (٣٨٠١) والترمذي (٨٥١) والنسائي (٤٣٢٣) وابن ماجه (٣٠٨٥) والدارمي =