فإنه يقال: تَعِب ومُتْعَبٌ، ولا يقال: متعوب؛ لأن تعب فعل لازم، فلا يجيء منه متعوب بمعنى متعب.
ويعاب بعض مفردات البيت؛ لمخالفته للهيئة التي بناها عليه الواضع؛ ومن أمثلته قول ابن زمرك في بعض قصائده:
يابن الخلائفِ من بني نصرٍ ومن ... حاطوا ذمارَ الملةِ السمحاءِ (١)
وقوله: سمتهم الملة السمحاء تكرمة.
إذ لم يرد في السماحة صيغة فعلاء، فلا يقال: سمحاء؛ وإنما يقال: ملة سمحة؛ أي: ليس فيها حرج ولا ضيق؛ وقد عاب بعضهم قول أبي نواس:
وإذا نزعت عن الغوايةِ فليكنْ ... للهِ ذاك النزعُ لا للناسِ
وقال: إن نزع بمعنى انتهى إنما جاء مصدره على فعول، فيقال: نزع عن الأمر نزوعاً: إذا انتهى عنه، ولكنا نجد في كتب اللغة: أن النزع يأتي مصدراً لنزع بمعنى انتهى (٢).
وعابوا على المتنبي قوله:
ليس التعلُّل بالآمال من أدبي ... ولا القنوعُ بضنك العيش من شيمي
وقالوا: إن القنوع مصدر قنع بمعنى سأل، أما الرضا بالقسم الذي هو مراد الشاعر، إنما يقال فيه: قنع قناعة، ويقال: إن أبا الطيب غيَّر البيت إلى قوله: "ولا القناعة بالإقلال من شيمي"؛ والواقع أن من أهل اللغة من روى أن العرب قد يستعملون القنوع في الرضا، قال ابن السكيت: ومن العرب من
(١) "نفح الطيب".
(٢) في "اللسان": نزع عن الأمر ينزع نزوعاً: كف وانتهى، وربما قالوا: نزعاً.