للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- تقوية الداعية إلى الأخذ بالشيء؛ حيث يصوره بصورة ما لا يستغنى عنه؛ كما قال بشار:

فلا تجعلِ الشورى عليكَ غضاضةً ... فإن الخوافي قوةٌ للقوادمِ

ضرب المثل للشورى في تثبيت الرأي، وإقامته على وجه السداد بالخوافي من الجوانح؛ حيث تساعد القوادم على الطيران، وهذا التمثيل يلقي في نفس السامع أنه محتاج إلى الشورى حاجة القوادم إلى الخوافي، ويؤكد داعيته إلى العمل على سنتها.

- أو الحث على الثبات والصبر على الأمر حيث يخرجه في مثال ما لا يمكن بطبيعة هذه الحياة الخلاص منه، كما قال بشار أيضاً:

إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبُهْ

فعشْ واحداً أوصلْ أخاك فإنه ... مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانبُهْ

إذا أنت لم تشربْ مراراً على القذى ... ظمئت وأيُّ الناس تصفو مشاربُهْ

فالأبيات مسوقة في الإرشاد إلى تحمل ما يصدر عن الإخوان من جفاء أو هفوة، فضرب لهم المثل بالمشارب؛ حيث لا مندوحة للإنسان عن ورودها، وهي لا تصفو له سائر حياته، بل يصادفها في بعض الأحيان كاشفة له عن وجه كالح، وماء كدر، ولا يسعه في حال الظمأ إلا الشرب منها، وإغضاء الجفن عن أقذائها، فهذا التمثيل يريك أنك لا تستطيع أن تعيش مستقلاً عن الإخوان، وأن ليس في طبيعتهم أن يسيروا في مرضاتك بحيث لا تلاقي منهم طول حياتك إلا ما يلائم طبيعتك، ويوافق بغيتك، ومقتضى هذا: أن تشد يدك بُعرا صحبتهم، وتغضي عما يعرض لهم في بعض الأوقات من جفاء، أو يزلون فيه من عثرات.